الأَعصار من آدم الى الآن على وجود الملائكة وثبوت المحاورة معهم وثبوت مشاهدتهم والرواية عنهم كمباحثة الناس طائفة عن طائفة، بدون رؤية فرد بل أفراد منهم وبدون ضرورة وجود شخص بل أشخاص منهم، وبدون الاحساس بالضرورة بوجودهم؛ كذلك محال أن يقوم وَهْم كذلك في عقائد البشر ويستمر هكذا ويبقى في الانقلابات بدون حقيقة يتسنبل عليها وبدون مبادئ ضرورية مولِّدة لذلك الاعتقاد العموميّ. فإذاً ليس سند هذا الاجماع الاّ حدس تولَّد من تفاريق امارات حصلت من واقعات مشاهدات نشأت من مبادئ ضرورية. وليس سبب هذا الاعتقاد العمومي الا مبادئ ضرورية تولدت من رؤيتهم ومشاهدتهم في كرّات تفيد قوة التواتر المعنوي. والاّ رفع الأمن من يقينيات معلومات البشر. فاذا تحقق وجود واحد من الروحانية في زمان مّا تحقق وجود هذا النوع. واذا تحقق هذا النوع، كان كما ذكره الشرع وبيّنه القرآن الكريم.
ثم ان نظم مآل هذه الآية بسابقها من أربعة وجوه:
الأول: انه لما كانت هذه الآيات في تعداد النعم العظام، واشارت الأولى إلى أعظمها - من كون البشر نتيجة للخلقة وكون جميع ما في الأرض مسخراً له يتصرف فيها على ما يشاء - اشارت هذه الى ان البشر خليفة الأرض وحاكمها.
والثاني: ان هذه الآية بيان وتفصيل وايضاح وتحقيق وبرهان وتأكيد لما في الآية الأولى من أن أزمة سلاسل ما في الأرض في يد البشر.
والثالث: ان تلك لما بيّنت بناء المسكنين من الأرض والسماء اشارت هذه الى ساكنيهما من البشر والملَك، وانها رمزت الى سلسلة الخلقة، وأومأت هذه الى سلسلة ذوي الأرواح.
والرابع: انها لما صرحت بأن البشر هو المقصود من الخلقة وان له عند خالقه لموقعاً عظيما، اختلج في ذهن السامع انه كيف يكون للبشر هذه القيمة مع كثرة شروره وفساده؟ وهل تستلزم الحكمة