ودخل تحت أبط الرسولyثم رجع الى السماء. هذه الزيادة، جعلت تلك المعجزة الباهرة كالشمس، مخفيةً كنجم السهى، وجعلت ذلك البرهان للنبوة الذي هو كالقمر، مخسوفاً، وفتحت ابواب حجج تافهة للمنكرين.
حاصل الكلام:
يجب على كل محبّ للدين وعاشق للحقيقة: الاطمئنان بقيمة كل شئ وعدم اطلاق الكلام جزافاً وعدم التجاوز. اذ المبالغة افتراء على القدرة الالهية. وهي فقدان الثقة بالكمال والحسن في العالم واستخفاف بهما واللذين ألجآ الامام الغزالي الى القول: "ليس في الامكان أبدع مما كان".
أيها السيد المخاطب! قد يؤدي التمثيل أيضاً ما يؤديه البرهان من عمل. فكما ان لكل من الالماس والذهب والفضة والرصاص والحديد قيمتها الخاصة، وخاصيتها الخاصة بها، وهذه الخواص تختلف، والقيم تتفاوت. كذلك مقاصد الدين تتفاوت من حيث القيمة والادلة. فان كان وضع أحدها الخيال، فموضع الآخر الوجدان والآخر في سر الاسرار. ان من أعطى جوهرة أو ليرة ذهبية في موضع فلس او عشر بارات، يحجر عليه لسفهه، ويمنع من التصرف في أمواله. واذا انعكست القضية فلا يسمع الاّ كلمات الاستهزاء والاستخفاف، اذ بدلاً من ان يكون تاجراً صار محتالاً يسخر منه. كذلك الامر في من لا يميز الحقائق الدينية ولايعطي لكل منها ما يستحقه من حق واعتبار، ولا يعرف سكة الشريعة وعلامتها في كل حكم. كل حكم شبيه بجزء ترس يدور على محوره لمعمل عظيم. فالذين لا يميزون يعرقلون تلك الحركة. مثلهم في هذا كمثل جاهل شاهد ترساً صغيراً لطيفاً في ماكنة جسيمة، وحاول الاصلاح وتغيير ذلك الوضع المتناسق. ولكن لعدم رؤيته الانسجام الحاصل بين حركة الترس الصغير والماكنة الكبيرة وجهله بعلم المكائن، فضلاً عن غرور النفس الذي يغريه ويخدعه بنظره السطحي؛ تراه يخلّ بنظام المعمل من حيث لا يشعر ويكون وبالاً على نفسه.
زبدة الكلام: