أيها السيد المعترض! انه ظلم فاضح جعل الشبهات الناشئة من سوء فهم الاسلام والاحوال المضطربة الناشئة من مخالفة الشريعة، ذريعة لتلويث الاسلام. وما هذا الاّ كالعدو الذي يتذرع لأي سبب كان للانتقام والثأر. او مثل الطفل الذي يروم البكاء لأتفه سبب. اذ ان كل صفة من صفات المسلم لا يلزم ان تكون ناشئة من الاسلام.
المقدمة الثامنة
تمهيد:
لا تمل من هذه المقدمة الطويلة الآتية، لأن ختامها في منتهى الاهمية، فضلاً عن انها تزيل اليأس المبيد لكل كمال. وتبعث الحياة في الامل، الذي هو جوهر كل سعادة وخميرتها.. وتبشر بان المستقبل سيكون لنا والماضي لغيرنا.. رضينا بالقسمة وها هو ذا موضوعها:
عقد موازنة بين ابناء الماضي والمستقبل، فالمدارس العليا لا تقرأ فيها الألفباء، ومهما عظمت ماهية العلم فان صورة تدريسها غير ماهيتها(1).
نعم! ان الماضي مدرسة الاحاسيس والمشاعر المادية، بينما المستقبل هو مدرسة الافكار. فهما ليسا على طراز واحد.
واقصد من ابناء الماضي اولاً : القرون الاولى والوسطى لما قبل القرن العاشر لغير المسلمين. اما الامة الاسلامية فهي خير امة في القرون الثلاث الاولى، وامة فاضلة عامة الى القرن الخامس، وما بعده حتى القرن الثاني عشر اعبّر عنه بالماضي. اما المستقبل فاعدّه مابعد القرن الثاني عشر.
----------------------------------------------------------------
(1) لعل المقصود ان طريقة تقديم العلم تختلف بأختلاف الازمان، فما يتعلمه المبتدئون غير ما يتعلمه الواصلون الى المراحل العليا، وما عرفه ابناء الماضي غير ما ينبغي ان يعرفه ابناء الحاضر والمستقبل. المترجم