محاكمات | المقدمة الاولى | 40
(1-90)

والعلاج الوحيد لهذا: تنظيم المدرسين الذين هم في حكم العاملين في دائرة واحدة، في دوائر كثيرة كما هو الحال في الجامعة، كلٌ في مجال اختصاصه، ليذهب كل واحدٍ بسوق انسانيته، وبتوجهه نحو حقه، ينفّذ قاعدة تقسيم الاعمال بميله الفطري امتثالاً للأمر المعنوي للحكمة الازلية.
تنبيه:
ان السبب المهم الذي ادّى الى تدني علوم المدارس الدينية، وصرفها عن مجراها الطبيعي هو:
ان العلوم الآلية(1) لما ارجت في عداد العلوم المقصودة، أصاب الاهمال العلوم العالية، اذ سيطر على الاذهان حلّ العبارة العربية التي لباسها (لفظها) في حكم معناها، وظل العلم الذي هوأصل القصد تبعياً. زد على ذلك، ان الكتب التي أصبحت في سلسلة التحصيل العلمي رسمية، وعباراتها متداولة الى حد ما. هذه الكتب حصرت الاوقات والافكار في نفسها ولم تفسح المجال للخروج منها.

يا أخا الوجدان!
كأني بك قد اشتقت الى رؤية ماهية الكتب الثلاثة التي ستترتب على هذه المقدمات. صبراً! سأذكر لك موضوعاً يمثل مجمل ما فيه، او بتعبير اخر يمثل صورتها المصغرة أو خريطتها المختصرة. ولكني سأبادر بتقديم تسع مسائل مما في تلك الكتب، على أمل أن أفصل الموضوع تفصيلاً عقب المقالة الثالثة ان شاء الله ووفّق الرب الكريم. فها هو ذا الموضوع!
سأعرج الى علوم السماوات بسير روحاني، بالوسائل التي يريها القرآن الكريم وبقوة الفلسفة الصائبة. لننظر من هناك ونشاهد:
ان الكرة الارضية عبارة عن كرة ضخمة تديرها يد القدرة للصانع الحكيم، ونرى بعين الحكمة انه يقذفها كحجرالمقلاع، الى ان يشتتها، ليبدّلها الى افضل

-----------------------------------------------------------------

(1) العلوم الآلية: كالنحو والصرف والمنطق وامثالها من العلوم التي تكون وسيلة لفهم العلوم العالية التي هي كالتفسير والحديث والفقه وامثالها من العلوم. المترجم.

لايوجد صوت