محاكمات | المقدمة الاولى | 66
(1-90)

اشارة: فمع هذه التصويرات فان الجمود البارد والتعصب على الظاهر ينافي حرارة البلاغة ولطافتها كما انه يجرح ويخالف استحسان العقل الشاهد على الحكمة الالهية التي هي اساس نظام العالم الشاهد على الصانع. وذلك:
اذا استقبلت مثلاً جبل (سبحان) من بعد فراسخ، وأردت ان يتبدل وضعه بالنسبة لجهاتك الاربع، او تشاهده في كل جهة من جهاتك. فبدلاً من ان تتخطى خطوات يسيرة نحوه، تكلف جبلاً ضخماً ذلك الجرم العظيم ان يأتي اليك من جهاتك الاربع وقطعه دائرة عظيمة تحار في تصورها. فهذا المثال العجيب للاسراف والعبثية واختيار الطريق الاطول وترك الاقصر، اعدّه جناية على نظام العالم.
والان انظر بنظر الحقيقة المنصفة الى هذا التعصب البارد، كيف يعارض حقيقة باهرة ثابتة بشهادة الاستقراء التام. تلك الحقيقة هي:
لا اسراف ولا عبث في الخلقة، والحكمة الازلية لاتترك الطريق القصير المستقيم، ولا تختار الطريق الطويل المتعسف، لذا فلِمَ لا يجوز ان يكون الاستقراء التام قرينة المجاز؟ وما المانع الذي يتصور؟.
تنبيه:
ان شئت فادخل المقدمات. واجعل المقدمة الاولى هي الصغرى والمقدمة الثالثة هي الكبرى لتنتج لك: ان الذي يشوش اذهان الظاهريين، انجذابهم الى الفلسفة اليونانية، حتى نظروا اليها نظر المسلّمات في فهم الآيات.. ومما يضحك الثكلى: ان بعضاً فهموا من كلام مَن هو اجل من ان لا يميز جوهر الحقيقة عن زخارف الفلسفة، قوله بالكردية (عناصر ضهارَن ذ وانن ملك) اي: ان الملائكة اجسام نورانية مخلوقة من عناصر، لا كما يزعمه الفلاسفة من انهم مجرّدون عن المادة. ففهموا من هذا الكلام ومن هذا التصريح ان العناصر اربعة وهي من الاسلام!!
فيا للعجب! ان كونها اربعة، وكونها بسيطة هي من اصطلاحات الفلاسفة، ومن اسس العلوم الطبيعية الملوثة، ولا علاقة لها أصلاً باصول الاسلام. بل هي قضية يحكم عليها بظاهر المشاهدة.
نعم! ان كل ما يمس الدين لا يلزم ان يكون من الدين، فان قبول كل مادة تمتزج مع الاسلام انها من عناصرالاسلام، يعني الجهل بخواص عنصر الاسلام

لايوجد صوت