محاكمات | عنصر العقيدة | 100
(91-136)

تأثيرها.. وما يغالطون به انفسهم ويتسلّون به من اسناد كل شئ الى الطبيعة الموهومة المتخيلة المتجسمة، بسبب استمرار اغواء الوهم.. فان فطرتهم ترد هذه المحالات والاوهام وترفضها.
ولكن متى ما توجه الانسان الى الحق يقصده، تعرض له على جانبي الطريق هذه الاوهام، من دون دعوة منه ولا طلب. فمن سدد النظر الى غرضه ونصب هدفه امام عينه، نظر الى الاوهام الباطلة نظر العابر السطحي، من دون ان ينفذ باطنها الملئ باللوثات. واذا ما توجه اليها شارياً لها يراها لا تستحق حتى الالتفات اليها فكيف بالشراء! بل يشمئز وجدانه منها ويستحيلها عقله ويمجها قلبه، الاّ ان يشاغب، وتستفزه السفسطة؛ فيقبل في كل ذرة عقل الحكماء وسياسة الحكام! كي تتشاور كل ذرة وتتحاور مع اخواتها على الاتفاق والانتظام. فهذا المسلك وهذا شأنه لايقبله حتى الحيوان! ولكن ما الحيلة فان لازم البينة من المسلك نفسه، وهذا المسلك لا يصّور الا بهذه الصورة.
نعم ان شأن الباطل هو أنه اذا نظر اليه الانسان نظر التبعي العابر يعطى له صحة الاحتمال، بينما اذا انعم النظر فيه يُرفع ذلك الاحتمال ويدفع.
ان ما يسمونه بالمادة لا تتجرد عن الصورة المتغيرة ولا عن الحركة الحادثة الزائلة، اى ان حدوثها محقق. فيا ترى ان من يضيق عقله عن ادراك ازلية الله سبحانه، وهي صفة لازمة ضرورية للذات الجليلة، كيف يتسع عقله لأزلية المادة التي تنافي الازلية منافاة مطلقة.. حقاً ان هذا شئ عجاب. حتى ان الانسان يندم على انسانيته كلما فكر في هؤلاء الذين يحيلون هذه المصنوعات البديعة الى المصادفة العمياء وحركة الذرات ويستغربون صدورها عن الصانع الجليل المتصف بجميع الصفات الكمالية.
ان القوى والصور الحاصلة من حركة الذرات كما يدّعون، لاتشكل المباينة الجوهرية للانواع، بسبب عَرَضيتها، فالعرض لايكون جوهراً قط. بمعنى أن فصول هذه الانواع والخواص المميزة لعموم الاعراض انما هي مخترع من العدم الصرف. والتناسل في التسلسل انما هو الشرائط الاعتيادية.

لايوجد صوت