محاكمات | عنصر العقيدة | 105
(91-136)

اذا قلت: يظهر من كلام قسم من المتصوفة معنى الاتصال والاتحاد والحلول. فيتوهم من كلامهم وجود علاقة مع مذهب وحدة الوجود الذي يتبناه قسم من الماديين.
الجواب: ان شطحات محققي الصوفية، التي هي من قبيل المتشابهات، لم يفهمها هؤلاء، اذ ان مسلكهم المبني على الاستغراق وحصر النظر في الذات الالهية والتجرد من الممكنات قد ساقهم الى ان يكون مطمح نظرهم رؤية النتيجة ضمن الدليل، اي سلكوا مسلك رؤية الصانع الجليل من خلال العالم!. فعبّروا عن جريان التجليات الالهية في جداول الاكوان وسريان الفيوضات الالهية في ملكوتية الاشياء ورؤية تجلي اسمائه وصفاته سبحانه في مرايا الموجودات. عبروا عن هذه الحقائق -لضيق الالفاظ- بالالوهية السارية والحياة السارية. هذه الحقائق لم يفهمها اولئك، اذ طبقوا شطحات المحققين الصوفيين على وهام واهية ناشئة من سوء الفهم وفقر الاستعداد.. فسحقاً وبعداً لعقولهم.
ان الافكار المجردة للعلماء المحققين التي هي بسمو الثريا ابعد بكثير من افكار سافلة للمقلدين الماديين التي هي في دركات الثرى.
نعم! ان محاولة تطبيق هذين الفكرين، في هذا العصر، عصر الرقي، دليل على اصابة العقل البشري بسكتة دماغية، وتنظر الانسانية الى هذا الامر نظر الاسف والاسى وتضطر الى ان تقول بلسان مواهبها وقابلياتها للرقي والتحقيق العلمي: [كلا.. والله.. اين الثرى من الثريا، واين الضياء من الظلمة الدامسة].
اشارة: ان هؤلاء هم اصحاب "وحدة الشهود"، ولكن قد يعبّر عنهم مجازاً باهل "وحدة الوجود" حيث ان وحدة الوجود على حقيقته مسلك باطل لقسم من الفلاسفة القدماء.
تنبيه:
لقد قال رئيس هؤلاء المتصوفة وكبيرهم: "من ادّعى الاتصال او الاتحاد اوالحلول، لم يشم من معرفة الله شيئاً. كيف يتصل او يتحد الممكن بالواجب؟ بل أي قيمة للممكن حتى يحل فيه الواجب، تعالى الله وتقدس مما توهم

لايوجد صوت