تنبيه:
هذه هي الدلائل الاجمالية لوجود الصانع، سترد تفاصيلها في الكتب الثلاثة.
اذا قلت: اريد بيان دلائل التوحيد ولو اجمالاً.
اقول: ان دلائل التوحيد اكثر بكثير من ان يضمها هذا الكتاب. وما تضمنته الآية الكريمة ﴿لو كان فيهما الهة الا الله لفسدتا﴾(الانبياء:22) من برهان التمانع دليل كاف، ومنار ساطع على هذا المنهاج.
نعم! الاستقلال خاصة ذاتية ولازم ضروري للالوهية.
ان تشابه آثار العالم، وتعانق اطرافه، واخذ بعضه بيد بعض، وتكميل بعضه انتظام البعض الآخر، وتجاوب الجوانب، وتلبية بعض لسؤال بعض، ونظر الكل الى نقطة واحدة، وحركة الكل بالانتظام على محور نظام واحد، تلوّح بوحدانية الصانع بل تصرح: بان صانع هذه الماكنة الواحدة واحد. وتتلو على الكل:
وفي كل شئ له آية تدل على انه واحد
ان الابعاد الشاسعة غير المتناهية للآفاق صحائفُ كتاب العالم
والاثار التي لا تعد سطورُ كائنات الدهر
لقد طُبعت في لوح الطبيعة المحفوظ:
ان كل موجود لفظ مجسم حكيم.
لا شك ان الشاعر الفاضل "تحسين"(1) لا يقصد بغير المتناهي وغير المعدود معناه الحقيقي وانما امر نسبي.
اشارة: ان الصانع الجليل متصف بجميع الاوصاف الكمالية. لانه من المقرر: ان ما في المصنوع من فيض الكمال، مقتبس من ظل تجلي كمال صانعه. فبالضرورة يوجد في الصانع جل جلاله من الجمال والكمال والحسن ما هو اعلى بدرجات غير متناهية حتماً من عموم ما في الكائنات من الحسن والكمال
----------------------------------------------------------------------------
(1) اصله من ألبانيا درس العلوم الحديثة في باريس ثم اصبح مديراً لدار الفنون (الجامعة) باستانبول. عالم فاضل وشاعر رقيق الاّ انه لم يطبع له ديوان. توفي سنة 1291 رومي. - المترجم.