محاكمات | عنصر العقيدة | 110
(91-136)

 ان قلت: لم افهم هذا الاجمال، يرجى التفصيل:
اقول: اسمع، فانك تشاهد ان النبوة المطلقة التي هي بمثابة معدن نظام البشرية المادي والمعنوي، ومركز انتظام احوال كثير من الانواع التي ضمتها تحت تصرفها قوة العقل.. هذه النبوة المطلقة برهانها: رقي الانسان على الحيوانية في ثلاث نقط:
النقطة الاولى:
ادراك الانسان وكشفه عن الترتيب في الاشياء، الناشئ من العلل المترتبة المتسلسلة في الخلقة.. وقابليته العلمية والتركيبية ومعرفته الحاصلة من تحليله مركبات بذور كمالات الانسانية الى بسيطات، وارجاعها الى اصلها.. وقدرته على محاكاة الطبيعة،ومساوقة نواميس الله الجارية في الكون بصنعته ومهارته، بالسر الكامن في القاعدة: (بداية الفكر نهاية العمل، نهاية الفكر بداية العمل).
فالانسان الذي هذه قابلياته، يدرك قصور نظره في صنعت، وزحمة الاوهام عليه، وافتقاره في جبلته الانسانية.. مما يدله على حاجته الماسة الى نبي مرشد، يحافظ على موازنة النظام المتقن في العالم.
النقطة الثانية:
هي استعداد الانسان غير المتناهي، وآماله ورغباته غير المحصورة، وافكاره وتصوراته غير المحدودة، وقوته الشهوية والغضبية غيرالمحددّة.
فنرى الانسان يتأسفُ ويتأفف ويقول: ليت كذا وكذا، حتى لو منح ملايين السنين من العمر وتمتع بلذائذ الدنيا وحكم حكماً نافذاً في كل شئ.. وذلك بحكم اللاتناهية المغروزة في استعداده، فكأن عدم الرضا هذا يرمز ويشير الى ان الانسان مرشح للأبد، ومخلوق للسعادة الابدية. كي يتمكن من تحويل استعداده غير المحصور من طور القوة الى طور الفعل في عالم غير متناهٍ وغير محدود بحدود، واوسع بكثير من عالمه هذا.
ان عدم العبثية، وثبوت حقائق الاشياء تومئان الى: ان هذه الدنيا الدنية الضيقة المحصورة، وتزاحم كثير من الاعراض فيها والتي لاتخلو من التحاسد

لايوجد صوت