مناظرات | س : ان لم يكن على الدين ضرر، فليكن مايكون ولانبالي | 17
(1-45)

ج: لقد ألقى الاستبداد هذه التلقينات إبقاءً لنفسه، ومما يسند هذا الوهم ويقوّيه عدم مبالاة بعضهم بالدين..
ولكن اطمأنوا، ان قصد من لم ينضم منهم الى الماسونية، ليس اضرار الدين، بل نفع الأمة وتأمين سلامتها، ولكن البعض منهم يفرطون في الهجوم على التعصب المقيت الذي لايليق بالدين. ويبدو انكم تطلقون على الذين سبق منهم خدمات للحرية والمشروطية أو الذين ارتضوا بهما اسم "جون تورك". فاعلموا ان قسماً من اولئك هم مجاهدو الاسلام، وقسماً منهم فدائيو سلامة الأمة، فالذين يشكلون القسم الأعظم منهم والعقدة الحياتية لهم هم من غير الماسونيين ويمثلون اكثرية الاتحاد والترقي. فهناك علماء ومشايخ في صفوف "جون تورك" بقدر عشائركم.. رغم وجود زمرة من الماسونيين المفسدين السفهاء فيهم، وهم قلّة قليلة لا يتجاوزون عشرة بالمئة منهم، بينما التسعون بالمئة الباقية منهم مسلمون ذوو عقيدة امثالكم ومعلوم ان الحكم للأكثرية... فأحسنوا الظن بهم. إذ إن سوء الظن يضركم ويضرهم معاً حسب قاعدة [ان زين عين الرضا، حسن النظر باللطف والشفقة، وان نور الفؤاد بالرفق والرحمة، ولقد سما على الحق باقدام التوفيق وسعد من اختار الاستضاءة بمصباح (أنا عند ظن عبدي بي)](1).
س: لِمَ يضرّهم سوء ظنّنا؟.
ج: لأن كثيراً منهم - مثلكم - لم يمحّصوا الاسلام وما عرفوا الاّ ظواهره بالتقليد، والتقليد يتشتت ويتمزق بإلقاء الشبهات والشكوك فانظروا مثلاً: اذا خاطبتم بعضهم: بانكم لادين لكم - وبخاصة من كان منهم سطحياً في الدين ومتوغلاً في الفلسفة المادية - فلربما يتردد ويشك في أمره بوساوس من أن مسلكه خارج عن الاسلام فيشرع بالقيام باعمال وحركات منافية للاسلام، ناشئة من اليأس والعناد ولسانه يردد: ليكن مايكون فلا أبالي..
فيا ايها البعيدون عن الانصاف!.. أرايتم كيف تصبحون سبباً لضلالة بعض المنكوبين؟! علماً ان كثيراً ما يصلح الفاسد اذا كرّر عليه القول: انت صالح، انت فاضل، ويفسد الصالح اذا ما كرر عليه انت فاسد، انت طالح. وهذا أمر مجرّب وقد حدث كثيراً.
س: لماذا؟.
ج: لأنه لو كان في ض
--------------------------------------------
(1) كرر النظر في هذه الفقرة العربية الأخيرة، ففيها شفرات ولها اشارات. المؤلف.

لايوجد صوت