شوشت طنطنة الاغراض صدى موسيقى الحرية، ولقد تقلصت المشروطية منحصرة اسماً على قليلين، فتفرق عنها حماة ذمارها](1)
س: لِمَ نتضرر ممن نظن أن لادين لهم؟.
ج: سأمثل لكم صورة تمثيلية على شاشة الخيال تبيّن لكم مضاره. تصوّروا في هذه الصحراء قصراً وسط بستان زاهر، وفي زاوية من القصر هناك حمام للمياه المعدنية -كمستحمكم في وادى "بيت الشباب"(2) - فأنتم مضطرون الى الدخول في ذلك القصر شئتم أم أبيتم بسبب ارتعاشكم من شدة البرد ولكمات الثلج ولطمات الريح. ولكن لأنكم قد سمعتم - أو رأيتم - ان في باب القصر اشخاصاً عمياناً وفي الحوض رجالاً عراةً يستحمون فتتوهمون - من هذا - ان القصر كلّه دار عميان ومنزل عرايا... فلما أردتم الدخول والوهم آخذ بايديكم - تنزعون عنكم لباس الطاعة لتوافقوهم، وتغمضوا عين الحقيقة - التي هي العقيدة - لئلا تنظروا الى عوراتهم، علماً أن عيونهم مفتحة وعوراتهم مستورة، يتشاورون فيما بينهم بتفكر وتأمل في غرفٍ محتشمة ويداوون في بعض الزوايا العميان ويخدمون العرايا لسترهم.
فبالله عليك اذا دخلت عليهم بهذه الصورة الجنونية، وعورتك مكشوفة وعينك معصوبة، فهل تتصور اعظم من هذه الحالة المزرية الداعية الى الاستهزاء والسخرية.
وفي نظري أن من جاء - في الحقيقة - من نسل مسلم، لاتترك فطرتُه ووجدانهُ الاسلامَ البتة، حتى إن تجرد عقلُه وفكرُه عن الاسلام. بل حتى اولئك الذين هم أشدّ سفاهة وبلاهة يوالون الاسلام الذي هو سور حصين لمستندنا. وسيما المطلعين على السياسة. ولم يشهد التأريخ منذ العصر النبوي السعيد الى الآن ان رجّح مسلم ديناً آخر على الاسلام بمحاكمته العقلية، أو دخل ديناً آخر بدليل عقلي. نعم! هناك من يمرق من الدين، فتلك مسألة أخرى.. أما التقليد فلا أهمية له... بينما منتسبو سائر الأديان قد دخلوا ويدخلون حظيرة الاسلام افواجاً أفواجاً بالمحاكمة العقلية والبراهين القاطعة، فاذا ما أريناهم الاسلام الصادق المستقيم، والصدق والاستقامة اللائقين بالاسلام، فسوف
----------------------------------------------------------
(1) قف أمام هذه الفقرة.. لاتغادرها.. انعم النظر فيها.. ولقد سكت - في تلك الحادثة - الشهام الغيارى والنجباء والكرماء من أولي العزائم والهمم العالية، وكمّمت الصحافة المغرضة صوت الحرية الحقة، فانحصرت المشروطية في قلّة قليلة جداً من الناس وتشتت عنها فدائيوها. المؤلف.
(2) منطقة في جنوب شرقي تركيا تعد مركز عشائر الاتروشي الكردية. المترجم.