مناظرات | س : ان لم يكن على الدين ضرر، فليكن مايكون ولانبالي | 20
(1-45)

يدخلون في الاسلام أفواجاً. وكذلك يشهد التأريخ وينبئنا ان رقي المسلمين وتمدنهم يكمن في اتباعهم حقيقة الاسلام ويتناسب معه، في حين رقي الآخرين وتمدنهم يتناسب تناسباً عكسياً مع تمسكهم بدينهم.. وكذا تشهد لنا الحقيقة ان الانسان المنتبه لايمكن أن يكون هملاً بدون دين البتة، ولاسيما المتيقظ الذي ذاق طعم الانسانية وعرف ماهية ذاته وأنه مهيأ ومرسل الى الخلود، فلايمكن لهذا أن يعيش دون دين مطلقاً، لأن المتنبه إن لم يتمسك بالدين الحق الذي هو جوهر الحقيقة، لايمكنه أن يقف دون "نقطة استناد" أمام هجوم الكائنات عليه ودون "نقطة استمداد" لاستثمار آماله غير المحدودة.. ومن هذا السر فقد انتبه الآن في الجميع ميلُ البحث والتحري عن الدين الحق. فثبت من براعة الاستهلال هذا بأن الاسلام هو الدين الفطري للبشرية في المستقبل.
أيا من لاينصفون! كيف ضاقت في نظركم حقيقةُ الاسلام التي لها القدرة على أن تعم العالم أجمع وتوحّده وتربّيه وتضيئَه نوراً. فرُحتم تحصرون الاسلام في الفقراء وفي المتعصبين من العلماء، وتريدون ان تطردوا نصف أهله منه، كيف تجرأتم على ذلك الاسلام العظيم الذي هو القصر النوراني الجامع لكمالات الانسانية كلها وهو المربي المزكّي لأحاسيس البشرية النبيلة ومشاعرها الراقية كلها، فتخيلتموه خيمة المآتم السوداء مضروبة على حشد من الفقراء والبدو الجائعين.
نعم! ان المرء بحسب ما تريه مرآتُه. فمرآتُكم السوداء الكاذبة اذاً قد مثّلت لكم الأمر هكذا.
س: انت تغالي وتفرط، اِذ تُظهر الخيال عينَ الحقيقة وتُهيننا بظنك اننا جهلاء، فنحن في عصر آخر الزمان(1) والفساد يستشري وسينقلب من سئ الى أسوأ.
ج: لماذا تكون الدنيا ميدان تقدمٍ وترقٍ للجميع، وتكون لنا وحدنا ميدان تأخر وتدنٍ.. فهل الأمر هكذا؟! فها أنذا آليتُ على نفسي ألاّ أخاطبكم، فأدير اليكم ظهري وأتوجه بالخطاب الى القادمين في المستقبل: أيا مَن اختفى خلف عصر شاهق لما بعد ثلاثمائة سنة، يستمع الى كلمات النور بصمت وسكون. وتلمحنا بنظر خفي غيبي.. أيا من تتسمّون بـ "سعيد وحمزة ، وعمر وعثمان وطاهر، ويوسف وأحمد وامثالهم" انني أتوجه بالخطاب اليكم: ارفعوا هاماتكم 
-----------------------------------------------------
(1) ربما جاء هذا الاعتراض من وليّ عظيم كان حاضراً في ذلك الوقت فاعترض على ما أحسّه سعيد القديم -قبل خمس وأربعين سنة- (بحسّ مسبق) من أن ميدان رسائل النور الضيق هو واسع جداً وهو سياسي ايضاً. لذا صدرت أغلب أجوبته في هذه الرسالة في ضوء ذلك الاحساس. فلربما أبدى ذلك الولي العظيم اعتراضه على هذه النقطة فقط - المؤلف.

لايوجد صوت