بينهم مجلساً للشورى مولياً كلٌّ منهم وجهَه للآخرَ على مدى العصور الاّ أن القسم الأول وهم الآباء الشيوخ، سينصتون بهدوء وثناء.
س:(1) ان قسماً من الأجانب يوردون شبهات حول مسائل كتعدد الزوجات والرق، كأنها لاتساير المدنية، فيثيرون الأوهام حول الشريعة.
ج: سأقول لكم قاعدة بصورة مجملة لأنني على نية اصدار تفاصيلها في رسالة مستقلة.
ان أحكام الاسلام على قسمين:
الأول: وهو الذي يؤسَّس عليه الشريعة وهو الحُسن الحقيقي والخير المحض.
الثاني: الشريعة المعدِّلة، أي تأتي الشريعة وتخرج الشئ من صورته البشعة الظالمة الى صورة ملائمة للزمان والمحيط قابلة للتطبيق حسب الطبيعة البشرية، أخذاً بالصورة المعدَّلة اختياراً لأهون الشرّين وأخف الضررين، حتى يتيسّر الوصول الى الحُسن الحقيقي تماماً. لأن رفع أمرٍ مستأصل في الطبيعة البشرية رفعاً آنياً يقتضي قلبَ الطبيعة البشرية رأساً على عقب.
وعلى هذا فالشريعة ليست هي التي أوجدت الرقّ، بل هي التي أوجدت السُبُل، ومهّدت الطريق لتحويل الرقّ من أقسى صوَره الى ماييسّر الوصول الى الحرية التامة والانتقال اليها. اي عدّلت تلك الصورة البشعة وقلّلت منها. ثم ان تعدّد الزوجات الى حدّ الأربع زوجات، مع أنها موافقة لطبيعة الأنسان والعقل والحكمة، فان الشريعة لم تجعلها من الواحدة الى الأربعة، بل أنزلتها وأنقصتها من الزوجات الثمانية والتسعة الى الأربعة، ولاسيما قد وضعت شرائط - في التعدد - بحيث لاتؤدي مراعاتُها الى ضررٍ ما، وحتى لو حصل في بعض النقاط شر، فهو شرّ أهون، وأهون الشرّ عدالة اضافية (نسبية)، إذ الخير المحض لايمكن ان يحصل في جميع أحوال العالم، هيهات!!..
لقد صادفت -بسوء التصادف- أهل الأفراط والتفريط من مهاجمي الحكومة والمعترضين عليها. فقسمٌ من أهل الأفراط كانوا يضللون الأتراك -الذين هم قوام الاسلام بعد العرب - حتى تجاوز بعض جهلاء هذا القسم الى تكفير أهل القانون محتجين بوضع "القانون الأساسي" و "اعلان الحرية" قبل هذا بثلاثين سنة
---------------------------------------------------
(1) هذا السؤال طرح من قبل أحد الأرناووط - المؤلف.