مناظرات | س : ان لم يكن على الدين ضرر، فليكن مايكون ولانبالي | 35
(1-45)

س: مارأيك في الاختلافات الرهيبة بين علماء العالم الاسلامي؟ وماذا تقول فيها؟
ج: ان العالم الاسلامي في نظري كمجلس النواب (البرلمان) غير المنتظم أو كمجلس الشورى اختل نظامه، وما نسمعه في الفقه بأن: "هذا هو رأي الجمهور، وعليه الفتوى" انما هو نظير رأى الأكثرية في ذلك المجلس. وما عدا رأى الجمهور من الأقوال ان لم تكن خالية من الحقيقة والجوهر واللب، تفوّض الى رأي صاحب القابليات والمواهب والاستعدادات لينتخب كلُّ استعدادٍ وموهبة مايناسب تربيته وينسجم معها. وهاهنا نقطتان مهمتان(3).
الأولى: ان "القول" الذي أُنتخب بميل هذا الاستعداد، والذي يتضمن الحقيقة - الى حدّ ما - وظلَّ في الأقلية، مقيّد في نفس الأمر، ومخصَّص بالاستعداد الذي انتخبه، الاّ أن صاحبه اهمله فتركَهُ مطلقاً، والتزمه متبعوه فجعلوهُ عاماً، وتعصّب له مقلّدوه وسعوا في هدم المخالفين حفاظاً عليه.. من هذه النقطة تولدت المصادمة والمشاجرة والجرح والردّ حتى تشكل من الغبار المثار من تحت أرجلهم ومن الابخرة المتصاعدة من أفواههم ومن البروق المنطلقة من ألسنتهم - سحاباً ذا بروق وذا رحمة أحياناً- فولّد حجاباً أمام شمس الاسلام الساطعة، ولكن ذلك السحاب المبشّر بالرحمة الواهب للاستعداد والقابلية من فيض نور الشمس، مثلما لم يُنزل الغيث.. فقد حجب النور أيضاً...
الثاني: ان القول الذي ظل في الأقلية، إن لم يغلبْ ما فيه من الحقيقة والجوهر على ما في الاستعدادات المنتخبة له، من هَوَسٍ وهوى أو تدين موروث ومزاج. فانه - أي ذلك القول - يبقى على خطر عظيم، لإنه بدلاً من أن ينصبغ الاستعداد به وينقلب الى مايقتضيه، يصرفه لنفسه ويلقحه ويسخّره لأمره.
وها هنا يتحول الهُدى الى الهوى، ويتشرب المذهب من المزاج. ان النحل يشرب الماء فيقطّر عسلاً، بينما الحية تشربه وتنفث سمّاً.
س: ياترى، ألا يجد هذا المجلس الاسلامي العالي على سطح الارض انتظاماً وتنسيقاً لأعماله مرة أخرى؟.
ج: أعتقد بأن العالم الاسلامي قاطبة سيصير بمثابة مجلس نواب (برلمان) مقدّس في الملّة الانسانية وبين بنى آدم، وسيشكل وينظم السلف والخلف فيما 
-------------------------------------------------
(2) متفق عليه.
(3) تأمل جيداً في هاتين النقطتين ويحسن بك أن تقدرهما حق قدرهما. المؤلف.

لايوجد صوت