سنوحات | افادة مرام | 28
(1-39)

نعم، ان السياسة الحاضرة لاستانبول شبيهة بالانفلونزا تسبب الهذيان. فنحن لسنا متحركين ذاتياً، بل نتحرك بالوساطة. فاوروبا تنفخ ونحن نرقص هنا، فهي تلقّن بالتنويم -المغناطيسي- ونحن نتصورها نابعة من انفسنا ونجري اثر تلقينها بتخريب اعمى اصم. فمادام المنبع في اوروبا فالتيار القادم اما سيكون تياراً سلبياً او ايجابياً.
فالذين يتبعون السلبي هم كالحرف الذي يعرّف "دلّ على معنى في نفس غيره، او لا يدل على معنى في نفسه" بمعنى ان جميع افعاله ستكون لصالح الخارج مباشرة. لان ارادته لا حكم لها. فلا تنفعه النية الخالصة. ولاسيما التيار سلبي فيكون اداة لا تعقل للخارج بضعف من جهتين.
اما التيار الآخر الايجابي فيلبس لبوس التأييد والموافقة من الداخل، فهو كالاسم الذي يعرّف "دلّ على معنى في نفسه". فافعاله لنفسه، ولكن ما يترتب عليها للخارج. الاّ انه لايؤاخذ عليه لان لازم المذهب ليس مذهباً. ولا سيما اذا انضم بجهتين الى الايجابي والضعيف في التيار الخارجي، فيمكن ان يجعل الخارجَ اداةً له لا تشعر.
قالو:
- الا ترى الالحاد يتفشى؟ انه من الضرورة الاندفاع الى الميدان باسم الدين.
قلت:
نعم، ضروري، ولكن بشرط قاطع هو ان يكون الدافع المحرك عشق الاسلام والحمية الدينية. اذ الخطورة إن كان الدافع او الموجّه هو السياسة او التحيز. فالأول قد يعفى عنه حتى لو أخطأ بينما الثاني مسؤول عن عمله حتى لو اصاب.
قيل: كيف نفهم ذلك؟
قلت: مَن فضّل رفيقه السياسي الفاسق على متدين يخالف رأيه السياسي، بإساءة الظن به، فالدافع اذن هو السياسة.
ثم ان اظهار الدين الذي هو ملك مقدس للناس كافة - بالتحيز والتحزب - انه أخص بمن في مسلكه دون غيره، يثير الاكثرية الغالبة ضد الدين. فيكون سبباً في التهوين من شأن الدين.. فالدافع اذن هو التحيز.
مثال: يتصارع اثنان فما ان يشعر احدهما انه سيُغلب، عليه ان يعطي القرآن الذي بيده الى القوي ليقوم الآخر بحمايته ولئلا يسقطا معاً في الوحل.

لايوجد صوت