وهكذا رأيت في كل مما ذكرنا مثالاً، فاستنبط بنفسك. اذ القرآن الكريم خطاب الهي شامل لجميع طبقات الجن والانس، ولكل العصور، والاحوال والظروف كافة.
وحيث ان الحسن النسبي والخير النسبي كثير جداً، فان اطلاق القرآن اذن في "الصالحات" ايجاز بليغ لاطناب طويل. وان سكوته عن بيان انواع الصالحات كلام واسع.
﴿وان الفجّار لفي جحيم﴾(الانفطار:14)
العاقبة دليل العقاب، الحدس يدل عليه؛ فعاقبة المعصية التي تقع في الدنيا، امارة حدسية ان عاقبتها تؤول الى عقاب؛ لان اي انسان كان يرى حدساً وبتجربته الخاصة، ان المعصية تنجر الى عاقبة سيئة وخيمة - رغم عدم وجود علاقة طبيعية بينهما - فهذه الكثرة الكاثرة من التجارب الشخصية، والتي تقع في ميدان واسع جداً، لاتكون نتيجة مصادفة قط. فلو اخذنا هذه التجارب الشخصية بنظر الاتبار، ظهر لدينا ان نقطة الاشتراك بينها هي طبيعة المعصية المستلزمة للعقاب. فالعقاب اذن لازم ذاتي للمعصية.
ولما كان هذا اللازم الضروري يترتب - على الاغلب - في الدنيا على طبيعة المعصية وحدها، فلاشك ان ما لم يترتب عليه في هذه الدنيا سيترتب عليه في الدار الآخرة.
فيا ترى هل هناك احدٌ لم يمر بتجربة في حياته قال فيها: ان فلاناً قد جوزي بما اساء!.
﴿وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا﴾(الحجرات:13)
اي: لتعارفوا فتعاونوا فتحابوا، لالتناكروا فتعاندوا فتتعادوا!
اذ كما ان هناك روابط تربط الجندي بفصيله وفوجه ولوائه وفرقته في الجيش، وله واجب ووظيفة في كلٍ منها، كذلك كل انسان في المجتمع له روابط متسلسلة ووظائف مترابطة. فلو اختلطت هذه الروابط والوظائف ولم تعيّن وتحدّد لما كان هناك تعاون ولا تعارف.
فنمو الشعور القومي في الشخص اما ان يكون ايجابياً او سلبياً: