نعم، ان العالم الذي هو انسان مكبر، يظهر من اثار الحياة بما يتضمن من منظومات الكائنات مايظهره الجسد بين اعضائه واجزائه، كالتساند والتجاوب والتعاون، بل تبقى هذه الآثار الحياتية للجسد قاصرة دون تلك الآثار.
فلو صغر العالم صغر الانسان وتحولت نجومه الى مايشبه الذرات والجواهر المفردة، اما يكون حيواناً ذا شعور؟
فهذه الآية الكريمة تلمّح الى سر عظيم:
ان مبدأ الكثرة هو الوحدة، وان منتهاها ايضاً الى الوحدة. فهذا دستور فطري. فلقد خلقت القدرة الإلهية، من القة التي اودعتها في الكائنات - وهي فيض تجليها واثر ابداعها - قوة جاذبة عامة، متصلة مستقلة محصلة باحسانها على كل ذرة من ذرات الوجود جاذبة خاصة بها. فاوجدت رابطة الكون. فكما ان في الذرات محصلة القوى الجاذبة الناشئة من القوة المودعة فيها، فهي ضياء القوة، واستحالة لطيفة من اذابتها، كذلك فان محصل قطرات الحياة المنتشرة على الكائنات كافة ولمعانها، انما هي حياة عامة تعم الوجود جميعاً.. نعم هكذا يقتضي الامر.فاينما وجدت الحياة فثمّ الروح. والروح مثل الحياة ايضاً منتهاها بداية تجلي فيض لروح.
فمبدأ الروح هذا ايضاً تجلٍ للحياة الخالدة التي سميت لدى المتصوفة بـ"الحياة السارية".
وهكذا ترى ان سبب الالتباس الذي وقع فيه اهل الاستغراق ومنشأ شطحاتهم هو التباس هذا الظل مع الاصل لديهم.
﴿ولاتقولوا لمن يقتل في سبيل الله اموات بل احياء ولكن لاتشعرون﴾(البقرة:154)
والشهداء يشعرون انهم احياء، وانهم ماماتوا، اذ الشهيد يعدّ نفسه حياً، لانه لايذوق ألم السكرات فيرى حياته التي ضحّى بها مستمرة غير منقطعة، بل يجدها انزه واسمى من حياته.
وحياة الشهيد وحياة الميت نظير هذا المثال:
رجلان يريان فيما يرى النائم انهما يتمتعان بلذائذ لطيفة في تجوالهما خلال بستان بديع. فأحدهما يشعر ان مايراه هو رؤيا ليس الاّ، فلا يستمتع متعة