سنوحات | افادة مرام | 6
(1-39)

كاملة. اما الآخر فلا يعلم انه رؤيا، بل يعتقد ان ما يراه هو حقيقة، فيستمتع تمتعاً كاملاً.
وحيث ان عالم الرؤيا ظل عالم المثال، وهذا ظل لعالم البرزخ، لذا اصبحت دساتير هذه العوالم متماثلة.

﴿من قتل نفساً بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس
جميعاً، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً﴾(المائدة:32)
هذه الآية الكريمة حق خالص ولا تنافي العقل قطعاً، وهي حقيقة محضة لا مبالغة فيها قط، الاّ ان النظر الظاهري يدعو الى التأمل:
الجملة الاولى:
تضع اعظم دستور للعدالة المحضة التي تقرر: لا يهدر دم بريء ولا تزهق روحه حتى لو كان في ذلك حياة البشرية جمعاء، فكما ان كليهما في نظر القدرة الالهية سواء فهما في نظر العدالة سواء ايضاً. وكما ان نسبة الجزئيات الى الكلي واحدة كذلك الحق في ميزان العدالة، النسبة نفسها. ولهذا فليس للحق صغير وكبير.
اما العدالة الاضافية فهي تفدي بالجزء لأجل الكل بشرط ان يكون لذلك الجزء المختار الرضا والاختيار صراحة او ضمناً، اذ عندما يتحول "انا " الافراد الى "نحن" الجماعة ويمتزج البعض بالبعض الآخر مولداً روح الجماعة، يرضى الفرد ان يضحي بنفسه للكل.
وكما يتراءى النور كالنار ، تتراءى احياناً شدة البلاغة مبالغة.
وهنا نقطة البلاغة تتركب من ثلاث نقاط:
اولاها: لإظهار غير محدودية استعداد العصيان والتهور المغروز في فطرة الانسان. فكما ان له قابلية غير محدودة للخير فله قابلية غير متناهية للشر ايضاً. بحيث ان الذي تمكّن فيه الحرص والانانية يصبح انساناً يريد القضاء على كل شئ يقف دون تحقيق حرصه، حتى تدمير العالم والجنس البشري ان استطاع.
ثانيتها: لزجر النفس، باظهار قوة الاستعداد الفطري الكامن، في الخارج. اي باظهار الممكن في صورة الواقع، بمعنى ان بذرة العرق النابض بالغدر والعصيان كأنها انفلقت من طور القوة الى طور الفعل. فالجملة تحوّل الامكانات

لايوجد صوت