جمة، اذ هي خير مائة مرة مما نحن فيه من الاضرار المادية، وأذهبت ما نعانيه من اضطراب وقلق. ولكن ما ان مرّت فترة وجيزة، حتى حوّل المنافقون – وهم الاعداء المتسترون – نظر الحكومة الى شخصي أنا، ونبهوا أذهانها الى حياتي السياسية السابقة، فأثاروا الأوهام والشكوك، وبثوا المخاوف من حولي في صفوف دوائر العدل والمعارف (التربية) والامن ووزارة الداخلية، ومما وسّع تلك المخاوف لديهم ما يجري من المشاحنات بين الاحزاب السياسية، وما أثاره الفوضويون والارهابيون – وهم واجهة الشيوعيين – حتى أن الحكومة قامت إثر ذلك بحملة توقيف وتضييق شديد علينا، وبمصادرة ما تمكنت من الحصول عليه من الرسائل فتوقف نشاط طلاب النور وفعالياتهم.
وبالرغم من أن بعض الموظفين المسؤولين أشاعوا دعايات مغرضة عجيبة لجرح شخصيتي وذمها – مما لايمكن أن يصدّقه أحد – الاّ انهم باؤوا بالاخفاق الذريع، فلم يستطيعوا ان يقنعوا احداً بها. ومع ذلك احالوني الى الموقف لمدة يومين بحجج رخيصة تافهة جداً، ووضعوني في قاعة واسعة جداً وحيداً في تلك الايام الشديدة البرد كالزمهرير، علماً انني ما كنت اتحمل البرد في بيتي الاّ على مضض وكنت اقاومه بشدة بإشعال الموقد دائماً وبأشعال المدفأة عدة مرات يومياً، وذلك لما أعانيه من ضعف ومرض.
فبينما كنت اتقلب من شدة الحمى المتولدة من البرد، واتململ من حالتي النفسية المتضايقة جداً، انكشفت في قلبي حقيقة عناية إلهية، ونُبهت الى ما يأتي:
(أنك قد اطلقت على السجن اسم (المدرسة اليوسفية)، وقد وهب لك (سجن دنيزلي) من النتائج والفوائد اضعاف اضعاف ما اذاقكم من الضيق والشدة، ومنحكم فرحاً شديداً وسروراً عظيماً وغنائم معنوية كثيرة: واستفادة المساجين معكم من رسائل النور، وقراءة رسائل