رائد الشباب | توجيه الشباب | 23
(1-70)
ومثلاً: لو ان جيشا عظيما يضم تحت لوائه أربعمائة ألف نوع من الشعوب والامم، لكل جنس طعامه المستقل عن الآخر، وما يستعمله من سلاح يغاير سلاح الآخر، وما يرتديه من ملابس تختلف عن ألبسة الآخر، ونمط تدريبه وتعليماته يباين الآخر، ومدة عمله وفترة رخصه هي غير المدة للآخر.. فقائد هذا الجيش الذي يزودهم بالارزاق المختلفة، والاسلحة المتباينة، والالبسة المتغايرة، دون نسيان اي منها ولا التباس، ولاحيرة، لهو قائد ذو خوارق بلا ريب. فكما ان هذا المعسكر العجيب يرينا -بداهة- ذلك القائد الخارق، بل يحببه الينا بكل تقدير واعجـاب؛ كذلك معسكـر الارض، ففي كل ربيـع يجنـد -مجددا- جيشا سبحانيا عظيما مكونا من اربعمائة ألف نوع من شعوب النباتات وامم الحيوانات، ويمنح لكل نوع ألبسته وارزاقه واسلحته وتدريبه ورخصه الخاصة به، من لدن قائد عظيم واحد أحد جل وعلا، دون نسيان لأحد، ولا اختلاط، ولاتحير، وفي منتهى الكمال وغاية الانتظام.. فهذا المعسكر الشاسع الواسع للربيع الممتد على سطح الارض يُري -لأولى الالباب والبصائر- حاكم الارض -حسب العلوم العسكرية- وربّها ومدبرها، وقائدها الاقدس الاجل، ويعرّف لهم، بدرجة كمال هذا المعسكر المهيب، ومدى عظمته، قياسا الى ذلك المعسكر المذكور، بل يحبب مليكه -سبحانه- بالتحميد والتقديس والتسبيح.
ومثلا: هب ان ملايين المصابيح الكهربائية تتجول في مدينة عجيبة دون نفاد للوقود ولا انطفاء؛ الا تُري باعجاب وتقدير أن هناك مهندساً حاذقاً، وكهربائيا بارعاً لمصنع الكهرباء، ولتلك المصابيح؟ فمصابيح النجوم المتدلية من سقف قصر الارض وهي اكـبر من الكرة الارضـية نفسها بألوف المرات -حسب علم الفلك- وتسير اسرع من انطلاق القذيفة من دون ان تخل بنظامها، او تتصادم مع بعضها مطلقا ومن دون انطفاء، ولا نفاد وقود على وفق ما تقرأونه في علم الفلك. هذه المصابيح تشير باصابع من نور الى قدرة خالقها غير المحدودة، فشمسنا مثلا؛ وهي اكبر بمليون مرة من كرتنا الارضية، وأقدم منها بمليون سنة ماهي الاّ مصباح دائم، وموقد مستمر لدار ضيافة الرحمن. فلأجل ادامة اتقادها واشتعالها وتسجيرها كل يوم يلزم وقوداً بقدر بحار الارض، وفحماً بقدر جبالها، وحطباً بقدر اضعـاف اضعـاف حجم الارض، ولكن الذي يشعلها -ويشعل جميع النجوم الاخرى امثالها- دون وقود ولافحم ولا زيت ودون انطفاء ويسيّرها بسرعة عظيمة معاً دون اصطدام، انما هي قدرة لا نهاية لها وسلطنة عظيمة لاحدود لها.. فهذا الكون العظيم وما فيه من مصابيح مضيئة، وقناديل متدلية يبين بوضوح -على وفق مقاييس علم الكهرباء الذي قرأتموه أو ستقرأونه- سلطان هذا المعرض العظيم والمهرجان الكبير، ويعرّف منوّره ومدبرّه البديع وصانعه الجليل، بشهادة هذه النجوم المتلألئة، ويحببه الى الجميع بالتحميد والتسبيح والتقديس بل يسوقهم الى عبادته سبحانه.
لايوجد صوت