رائد الشباب | توجيه الشباب | 21
(1-70)
وكذا أن الإيمان يمنح لذلك الجزء الاختياري –بدلاً عن كسب جزئي- وثيقة يستند بها إلى قدرة لا متناهية، وينتسب بها إلى رحمة غير محدودة ضد تلك الأعداء غير المعدودة والظلمات المتوافرة العديدة؛ بل أن الإيمان نفسه يكون وثيقة بيد الجزء الاختياري. وذلك لجزء الاختياري الذي هو السلام الإنساني وإن كنا في حد ذاته ناقصاً عاجزاً قاصراً؛ إلاّ أنه كما أن جندياً إذا استعمل قوته الجزئية باسم الدولى يتيسر له أعمال تنيف على قوته الشخصية بألوف مراتب؛ كذلك أن ذلك الجزء الاختياري الجزئي إذا استُعمل باسم الحق سبحانه وصُرف في طريقة ولأجله بمقتضى الإيمان فإنه ينال به إلى جنة أبدية في وسعة خمسمائة سنة.

وكذلك أن الإيمان يسلب زمام الجزء الاختياري الذي ليس له أي نفوذ في الماضي والمستقبل من يد الجسم يسلم القلب والروح.

ولعدم انحصار دائرة الروح والقلب في الزمان الحاضر كما في الجسد، ولدخول سنوات عديدة من الماضي وسنوات مثله من المستقبل في دائرتهما فإن ذلك الجزء الاختياري ينطلق من الجزئية ويصبح كلياً. فكما يتدخل بقوة الإيمان في أعماق أودية الماضي، ويدفع هناك ظلمات الأحزان؛ كذلك يصعد ويطير إلى أبعد شواهق الاستقبال ويزيل أهواله.

فيا أيها الإخوان والشيوخ والأخوات العجز الذين تألموا من تعب الشيب! مادام –والحمدلله- أننا من أهل الإيمان، وأن في الإيمان هكذا خزائن حلوة نيرة لذيذة محبوبة، وأن شيبنا يدفع بنا إلى هذه الخزائن فمن الحتم علينا أن نقدم الله عز وجل ألوف شكراننا له نشكوه على شيبنا المنور بالإيمان.

المسألة السادسة (من الشعاع الحادي عشر)

هذه المسألة اشارة مختصرة الى برهان واحد فقط من بين ألوف البراهين الكلية حول (الايمان بالله) والذي تم ايضاحه مع حججه القاطعة في عدة مواضع من رسائل النور.

جاءني فريق من طلاب الثانوية في (قسطموني) قائلين:

(عرّفنا بخالقنا، فإن مدرسينا لايذكرون الله لنا !).
فقلت لهم: ان كل علم من العلوم التي تقرأونها يبحث عن الله دوما، ويعرّف بالخالق الكريم بلغته الخاصة. فاصغوا الى تلك العلوم دون المدرسين..
لايوجد صوت