رائد الشباب | توجيه الشباب | 41
(1-70)

وبينما كنت في تلك الحالة الكئيبة إذ خرج عليّ رجل فقال: انفقت جميع رأس مالك سدى وصرت مستحقاً للعذاب وستذهب إلى البلد الذي تريده خاوي اليد. إلا أن باب التوبة مفتوح لم يغلق بعد، فان كان لك عقل فلابد من أن تدخر بنصف ما تحصل عليه مما بقي لك من الدنانير الخمسة عشر أي لابد أن تشتري بعضاً مما سيلزم لك في المكان الذي تقصده. فاستشرت نفسي فاذا هي غير راضية بذلك. فقال: فادخر ثلثه ولكن نفسي ما رضيت بهذا أيضاً. فقلا: فادخر ربعه فنظرت في نفسي فاذا هي لاتريد أن تترك العادات التي ألفتها ثم أدبر ذلك الرجل في حنق وذهب في طريقه. ثم رأيت وكأن الأمور قد تغيرت فرايت نفسي في قطار سريع السير يسقط في نفق تحت الأرض فأخذتني الدهشة ولم يكن لي آنذاك أية حيلة حيث لايمكن لي الذهاب يميناً أو شمالاً. ومن الغريب انه كان يبدو للناظر في يمين القطار ويساره ازهار جميلة وثمار لذيذة تجلب إليها الأنظار، وكنت كغمر الرجال ألفت بنظري إليها وأمد يدي نحوها أحاول أن أقطف الأزهار وألم الثمار؛ إلا أنها كانت شائكة تشوك يدي وتدميها وتجرحها حيث كان القطار ماضياً في سبيله لايخفف شيئاً من سرعته فآذيت نفسي من غير فائدة تعود علي، فقال لي أحد موظفي القطار اعطني خمسة قروش أعطيك ماتريد من الأزهار والثمار. انك تخسر بجروحك هذه مائة قرش بدل الحصول على خمسة قروش. اضف إلى ذلك أنه هناك عقاب لك على صنعك هذا حيث انك تقطفها من غير أذنٍ تحصل عليه. واشتد علي الكرب في تلك الحالة فنظرت من النافذة إلى الأمام لأتعرف نهاية النفق فرأيت نوافذ كثيرة تترامي منها الرجال ورأيت تلقاء وجهي نافذة أقيم على كل من طرفيها حجر هي أشبه بحجر القبر فنظرت إليهما بكل دقة وعناية فرايت انه قد كتب عليهما بحروف كبيرة اسم (سعيد) فقلت متأسفاً ومتحيراً واويلاه!.. وآنذاك سمعت صوت ذلك الرجل الذي أطال عليّ النصح في باب ذلك الملهي فقال أأفقت من سكرتك؟ فقلت نعم إلا أنه خارت قواي ولم يبق لي أية حيلة. فقال: تب وتوكل! فقلت تبت وتوكلت ثم أفقت وقد ذهب من البين السعيد الأول ورأيتني السعيد الثاني. ونرجو من الله أن يجعل هذه الواقعة الخيالية خيراً.

لايوجد صوت