رائد الشباب | توجيه الشباب | 42
(1-70)

وأريد أن افسر بعضاً منها وأترك لك الباقي. وهو: ان ذلك السفر هو السفر الذي يمر من عالم الأرواح وبأطوار عالم الرحم والشباب والشيخوخة والقبر والبرزخ والحشر والصراط إلى أبد الآباد.

والستون ديناراً هو العمر البالغ ستين عاماً. وكنت أنا حينما رأيت تلك الواقعة الخيالية في الخامسة والأربعين من العمر على حسب الظن ولم يكن لي أي حجة ما على أن أعيش الستين من العمر الا أنه أرشدني أحد تلامذة القرآن الحكيم على أن أنفق نصف مابقي من العمر الغالب وهو خمسة عشر عاماً في سبيل الآخرة.

وذلك الملهي هو مدينة استانبول بالنسبة إليّ وذلك القطار هو الزمان. وكل عام منه بمنـزلة قاطرة. وذلك النفق هي الحياة الدنيا وتلك الزهور والثمار الشائكة هي الملذات المحرمة والألعاب المحظورة حيث ان الم تصور زوالها وفراقها حين مايلاقيها يدمي القلب، وان البعد منها يجرح الفؤاد فيقاسي من يزاولها أشد العذاب. وان معنى ما قاله أحد موظفي القطار: اعطيني خمسة قروش أعطيك ماتريده من الزهور والثمار – ان ما يذوقه الانسان بسعيه المباح وفي دائرة مشروعة يكفيه ولايجعله عائلاً على الحرام يضظر لأن يدخله. ويمكن لك أن تفسر مابقي.

 

النكتة الرابعة

ان الانسان في هذا الكون يشبه ولداً محبوباً يحمل في ضعفه قوة كبيرة وفي عجزة قدرة عظيمة لانه انما انقادت له الموجودات بقوة ذلك الضعف وقدرة ذلك العجز. فاذا ماأدرك الانسان ضعفه ودعا بقاله وحاله وطوره وأدرك عجزه واستغاث فمع انه يكون قد أدى شكر ذلك التسخير سيوفق في الحصول على مطالبه ومأربه أيضاً وتأتي اليه طائعة منقادة بحيث لايمكن أن ينال بقدرته الذاتية عشر معشار ما ناله بذلك. الا أن الانسان اتى به بلسان حالة فيظن انه قد حصل عليه بقدرته الذاتية. وعلى سبيل المثال: ان القوة الكامنة في ضعف فرخ الدجاجة تجعل امه بحيث تحمل على الأسد دفاعاً عنه، والقوة الكامنة في ضعف شبل الأسد تسخر امه المفترسة فيأكل هو ماتصيده امه ويتركها جائعة. ولاشك ان قوة الضعف غريبة تتجلى فيها الرحمة الالهية.
لايوجد صوت