الحجة الزهراء | المقام الاول | 12
(1-94)

فحسب :
ان المدبر الحكيم المالك لمفاتيح البذور والنوى، تلك المخازن الصغيرة التي يضم كل منها اجهزة منهاج مقدرات شجرة ضخمة او زهرة فوّاحة، كما يوقظ بواب بذرة بأمره (أفق) بمفتاح الارادة، وبميزان نظام تام، كذلك يفتح خزينة الارض الهائلة بمفتاح الغيث، فيفتح جميع المخازن الصغيرة أي الحبيبات التي هي نطف النباتات وجميع مبادئ الحيوانات، والقطرات التي هي نطف الطيور والحشرات المتشكلة من هواء وماء، يفتحها جميعا ً ومعا ً وبلاخطأ وذلك بتلقيها أمر الإنفتاح والانكشاف.. ويفتح سبحانه في الوقت نفسه جميع خزائن الكون الكلية والجزئية، المادية والمعنوية، بمفتاح خاص لكل منها بيد الحكمة والارادة والرحمة والمشيئة.
فان كنت تريد ان تعرف هذا وتراه فانظر الى مخازنك الصغيرة وهي قلبك ودماغك وجسدك ومعدتك. وانظر الى حديقتك والى الربيع الذي هو زهرة الارض والى ازاهيره وثمراته، فانه سبحانه يفتحها بيد غيبية بمفاتيح متباينة متنوعة آتية من مصنع (كن فيكون) يفتحها بكمال النظام والميزان والرحمة والحكمة، فيخرج رطلاً بل مائة رطل من المطعومات احيانا ًمن درهم من عليبات صغيرة، يخرجها بكمال الانتظام والميزان مقيماً بها ضيافة فاخرة لذوي الحياة.
فهل من الممكن ان تتدخل قوة عمياء وطبيعة صماء ومصادفة عشواء واسباب جامدة جاهلة عاجزة في فعل لانهاية له يؤدّى الى هذه الدرجة من الانتظام والعلم والبصيرة، وفي صنعة دقيقة ذات حكمة تامة لا تدنو منها المصادفة قطعاً، وفي تصرف موزون لاخطأ فيه اطلاقاً، وفي ربوبية جليلة عادلةٍ عدالةً تامة لاظلم فيها اصلا ً ؟
وهل يمكن لمن لايرى الاشياء كافة في آن واحد ولايستطيع ادارتها كلها دفعة واحدة، ولايجعل الذرات والنجوم السيارة معاً تحت أمره ان يتدخل في هذه الادارة وتصريف الامور التي جوانبها كلها ذات حكمة ومعجزة وميزان؟.

لايوجد صوت