الآية الكبرى | الشعاع السابع | 89
(1-108)

بالارادة النافذة والاختيار، فلابد ان هذا الانتظام الذي يدور مع الحكمة، وهذه الانواع المتنوعة من الانتظام في المخلوقات غير المحدودة التي تتراءى امام أنظارنا والدائرة حول المصالح، يدل بداهة ويشهد بكل حال ان خالق هذه الموجودات ومدبرها واحد، وهو الفاعل، وهو الذي بيده الاختيار، فكل شئ يخرج الى الوجود إنما يخرج بقدرته هو، ويأخذ وضعاً خاصاً بارادته هو، ويتخذ صورة منتظمة باختياره هو.
ومادام السراج الوهاج لهذه الدنيا المضيف واحداً، وان قنديلها المتدلي لعدّ الايام واحد، وان معصراتها ذات الرحمة واحدة، وان مطبخها ذا الموقد واحد، وان شرابها الذي يبعث على الحياة واحد، وان مزرعتها المحمية واحدة.. واحد.. واحد.. واحد الى ألف وواحد، فلابد أن هذه الآحاد الواحدة تشهد بداهة ان صانع هذا المضيف وصاحبه، واحد، وهو كريم لضيوفه في منتهى الكرم والسخاء حتى أنه يسخر كبار موظفيه هؤلاء ويجعلهم خدماً طائعين لضمان راحة ضيوفه الاحياء.
وما دامت واحدةً تلك الاسماء الحسنى والشؤون الإلهية والافعال الربانية التي تصرف امور الكون والتي تظهر تجلياتها ونقوشها واثارها في كل انحاء العالم.. فالاسماء الحسنى (الحكيم، المصور، المدبر، المحيي، المربي) وامثالها هي نفسها في كل مكان.. وشؤون (الحكمة والرحمة والعناية) وامثالها هي نفسها في كل مكان.. وأفعال (التصوير والادارة والتربية) وامثالها هي نفسها في كل مكان.. وكل منها متداخل بعضه في البعض الآخر، وكل منها في اسمى مرتبة واوسع إحاطة وهيمنة، كما أن كلا منها يكمل نقش الآخر حتى لكأن تلك الاسماء والافعال تتحد مع بعضها اتحاداً، فتصبح القدرة عين الحكمة والرحمة، وتصبح الحكمة عين العناية والحياة. فعندما يظهر - مثلاً - تصرف اسم المحيي في شئ ما، يظهر تصرف اسم الخالق والمصور والرزاق واسماء اخرى كثيرة كذلك في الوقت نفسه، في كل مكان وبالنظام نفسه، فلابد ولامحالة ان ذلك يشهد بداهة على ان

لايوجد صوت