لنكسب بكل ساعة من هذه الساعات ما يلزمنا، وما هو ضروري في حياتينا كلتيهما الدنيوية والاخروية.
وما لم نصرف ساعة واحدة - وهي كافية لاداء الصلوات المفروضة - لحياتنا الاخروية الخالدة، بينما نصرف ثلاثاً وعشرين ساعة في سبيل هذه الحياة الدنيا القصيرة، نكون قد ارتكبنا خطأ جسيماً لايستصوبه عقل سليم. فلا جرم اننا نعاني نتيجة هذا الخطأ الفادح غلظة القلب وقسوته، وانقباض الروح وظلمتها، المؤدية بمجموعها الى تعكير صفو الاخلاق، وتلوث نقاوة الروح.. وفوق هذا تمضي حياتنا رتيبة مملّة يائسة خاوية المعنى. فيصيبنا الضجر، فلا نكاد نفيد من دروس هذه المدرسة اليوسفية، ومن محنة الامتحان والابتلاء ما يربينا ويرقى بنا، فنخسر بهذا خسراناً مبيناً.
اما اذا صرفنا ساعة واحدة في اداء الصلوات الخمس، فكل ساعة من ساعات الابتلاء واوقات المحن تتحول الى يوم من العبادة، فكأن الساعات الفانية قد اكتسبت - ببركة هذه الساعة - صفة الخلود، واصبحت في حكم ساعات أبدية باقية.. فتنزاح عن القلب سحب اليأس ويتبدد عن الروح ظلام القنوط.. وتصبح هذه الساعة من العبادة كفّارة لبعض ما ارتُكب من اخطاء وذنوب، ربما كانت السبب في الدخول الى السجن.. وبذلك نكتشف حكمة ابتلائنا بالسجن ويغدو السجن مدرسة نتلقى فيها الدروس النافعة.. ونجد فيه مع اخوتنا في المصيبة والبلاء العزاء والسلوان.
وقد ذكر في (الكلمة الرابعة) ايضاً مثال يبين فداحة الخسارة التي تصيب مَن يلهث وراء حظه من الدنيا ويعزف عن الاخرة وهو:
هناك من يدفع خمساً او عشراً من اربع وعشرين ليرة يملكها في شراء بطاقة قمار اليانصيب - ربما يكون احتمال الفوز بها واحداً من ألف لوجود الف من المشتركين معه - بينما لايصرف واحداً من اربع وعشرين ساعة يملكها في شراء بطاقة ترّبحه كنزاً خالداً اخروياً. علماً ان احتمال الفوز بها - للمؤمنين الذين ختمت اعمالهم بالحسنى -