ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الرابع عشر | 598
(459-713)

ما هو الاّ تذكرة تسريح واعفاء من الاعدام الأبدي - كما وضّح ذلك بالحقيقة القرآنية - وانه بحق الضالين السفهاء اعدام أبدي كما يشاهدونه أمامهم؛ اذ هو فراق أبدي عن جميع أحبتهم وأقاربهم بل الموجودات قاطبة.. فلابد ولا شك بان أسعد انسان هو مَن يشكر ربه صابراً محتسباً في سجنه مستغلاً وقته أفضل استغلال، ساعياً لخدمة القرآن والإيمان مسترشداً برسائل النور.
ايها الانسان المبتلى بالملذات والمتع!
لقد علمتُ يقيناً طوال خمس وسبعين سنة من العمر، وبالوف التجارب التي كسبتها في حياتي، ومثلها من الحوادث التي مرت عليّ أن الذوق الحقيقي، واللذة التي لا يشوبها ألم، والفرح الذي لا يكدّره حزن، والسعادة التامة في الحياة انما هي في الايمان، وفي نطاق حقائقه ليس الاّ. ومن دونه فان لذةً دنيوية واحدة تحمل آلاماً كثيرة كثيرة. واذ تقدم اليك الدنيا لذة بقدر ما في حبة عنب تصفعك بعشر صفعات مؤلمات، سالبةً لذة الحياة ومتاعها.
أيها المساكين المبتلون بمصيبة السجن!
ما دامت دنياكم حزينة باكية، وان حياتكم قد تعكرت بالآلام والمصائب، فابذلوا ما في وسعكم كيلا تبكي آخرتكم، ولتفرح وتحلو وتسعد حياتكم الأبدية. فاغتنموا يا اخوتي هذه الفرصة، اذ كما ان مرابطة ساعة واحدة أمام العدو ضمن ظروف شاقة يمكن ان تتحول الى سنة من العبادة، فان كل ساعة من ساعاتكم التي تقاسونها في السجن تتحول الى ساعات كثيرة هناك اذا ما أديتم الفرائض، وعندها تتحول المشقات والمصاعب الى رحمات وغفران.
سعيد النورسي
* * *

لايوجد صوت