لاهل السنة والجماعة وتكشف عنهم الغمة في رمضان الماضي، ولكن لم يظهر شيء من هذا القبيل!
فسألوني: كيف يخبر امثال هؤلاء من اهل الولاية والكشف عما هو خلاف الواقع؟
وخلاصة ما اجبتهم مباشرةً، وهو من سوانح القلب، هي:
لقد ورد في الحديث الشريف ما معناه: ان البلاء ينزل وتقابله الصدقة فتردّه(1).
يتبين من هذا الحديث الشريف: ان المقدرات عندما تأتي من الغيب للوقوع، تأتي مرتبطة ببعض الشروط. فتتأخر عن الوقوع بتأخر الشروط. فتتأخر ايضاً المقدّرات التي اطلع عليها الاولياء من اصحاب الكشف اذ ليست مقدرات مطلقة، بل مقيدة ببعض الشروط، فلعدم حدوث تلك الشروط لا تقع تلك الحادثة. إذ تلك الحادثة كالأجل المعلق، قد كتبت في لوح المحو والاثبات، الذي هو نوع من انواع سجل اللوح الازلي. فالكشف قلما يرقي الى اللوح الازلي، بل لا يستطيع معظم الكشوف الرقي الى هناك. فبناءً على هذا:
ان الاخبار التي اُخبرت عنها في شهر رمضان الفائت وعيد الاضحى وفي اوقات اخرى، وبناء على الاستنباط أو بنوع من الكشفيات، لم تجد شروطها المعلقة بها، لذا لم تأت الى ميدان الواقع. فالمخبرون عنها لا يُكذّبون، لأن تلك الحوادث كانت مقدّرة، الاّ انها لا تقع الاّ بمجيء شروطها، واذ لم تأت الشروط فلا تقع الحادثة.
نعم! ان الدعاء الخالص الذي يرفعه معظم اهل السنة والجماعة في رمضان المبارك دفعاً للبدع، كان شرطاً وسبباً مهماً له، ولكن
-------------
(1) اصل الحديث: عن عائشة رضي الله عنها ان النبيy قال: (لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وان البلاء لينزل، فيتلقاه الدعاء فيعتلجان الى يوم القيامة) حديث حسن اخرجه الحاكم. وحديث (لا يردّ القضاء الاّ الدعاء) قال الترمذي: حسن غريب (تمييز الطلب لابن الديبع الشيباني). – المترجم.