دخول البدع في الجوامع في الشهر المبارك مع الاسف حجبت الاستجابة والقبول، فلم تفرج الكربة ولم تكشف الغمة؛ اذ كما تدفع الصدقةُ البلاءَ – بدلالة الحديث الشريف – فالدعاء الخالص من الاكثرين يجذب الفرج العام الشامل. ولكن لأن القوة الجاذبة لم تأتِ الى الوجود، فلم توهب الفرج والفتح.
السؤال الثاني المثير:
بينما كان ينبغي القيام بمحاولة، والشروع بتدبير، ازاء وضع سياسي مهيج، في غضون هذين الشهرين، إذ كانت تؤدي تلك المحاولة – باحتمال قوي – الى ما يفرحني ويدخل البهجة في قلوب الكثيرين من اخوتي المقربين؛ لم أعبأ بذلك الوضع، بل قمت خلافاً له احمل فكراً في صالح اهل الدنيا الذين يضايقونني! فظلّ البعض في حيرة مضاعفة من امري، اذ قالوا: ان السياسة التي يتبعها ضدك هذا المبتدع وثلة من المنافقين الرؤساء، كيف تجدها حتى لا تهاجمها؟
وخلاصة جوابي:
ان اعظم خطر على المسلمين في هذا الزمان هو فساد القلوب وتزعزع الإيمان بضلال قادم من الفلسفة والعلوم. وان العلاج الوحيد لإصلاح القلب وانقاذ الإيمان انما هو النور واراءة النور. فلو عُمل بهراوة السياسة وصولجانها واُحرز النصر، تدنى اولئك الكفار الى درك المنافقين. والمنافق – كما هو معلوم – أشد خطراً من الكافر وأفسد منه. فصولجان السياسة اذاً لا يصلح القلب في مثل هذا الوقت، حيث يُنزل الكفر الى اعماق القلب ويتستر هناك وينقلب نفاقاً.
ثم ان شخصاً عاجزاً مثلي، لا يمكنه ان يستعمل النور والهراوة معاً في هذا الوقت، لذا فانا مضطر الى الاعتصام بالنور بما املك من قوة، فيلزم عدم الالتفات الى هراوة السياسة اياً كان نوعها. أما ما يقتضيه الجهاد المادي، فتلك الوظيفة ليست مناطة بنا حالياً. نعم! ان الهراوة هي لوقف تجاوز الكافر أو المرتد عند حدّه، ولكن لا نملك