اللمعات | اللمعة السادسة والعشرون | 396
(384-464)

عباده، حيث يمكن لتلك الموجودات ان تتكلم معنا – بلسان الحال – بما يسلينا ويروّح عنا.
نعم، ان الدلائل على وجوده سبحانه بعدد موجودات هذا الكون، وبعدد حروف كتاب العالم الكبير هذا، وهناك دلائل وشواهد على رحمته بعدد اجهزة ذوي الارواح وما خصهم من نِعَمه ومطعوماته التي هي محور الشفقة والرحمة والعناية، فجميعها تدل على باب خالقنا الرحيم والكريم، وصانعنا الانيس، وحامينا الودود، ولاشك ان العجز والضعف هما ارجى شفيعين عند ذلك الباب السامي. وان عهد الشيب أوانهما، ووقت ظهورهما، فعلينا إذن ان نوّد الشيخوخة، وان نحبها، لا ان نعرض عنها؛ اذ هي شفيع مرتجى امام ذلك الباب الرفيع.
الرجاء السابع
حينما تبدلت نشوة (سعيد القديم) وابتساماته الى نحيب (سعيد الجديد) وبكائه، وذلك في بداية المشيب، دعاني ارباب الدنيا في (انقرة) اليها، ظناً منهم انني (سعيد القديم) فاستجبت للدعوة.
ففي ذات يوم من الايام الاخيرة للخريف، صعدت الى قمة قلعة انقرة، التي اصابها الكبر والبلى اكثر مني، فتمثلت تلك القلعة امامي كأنها حوادث تأريخية متحجرة، واعتراني حزن شديد واسى عميق من شيب السنة في موسم الخريف، ومن شيبي انا، ومن هرم القلعة، ومن هرم البشرية ومن شيخوخة الدولة العثمانية العلية، ومن وفاة سلطنة الخلافة، ومن شيخوخة الدنيا، فاضطرتني تلك الحالة الى النظر من ذروة تلك القلعة المرتفعة الى اودية الماضي وشواهق المستقبل، أنقب عن نور، وابحث عن رجاء وعزاء ينير ما كنت

لايوجد صوت