يستحق التعلق به، ولا الارتباط معه. فضلاً عن ذلك وجدت في تلك الاثناء عدم الوفاء وفقدان الصداقة من صديق حميم، يُعدّ من أوفى الاصدقاء لي، وبشكل غير متوقع وبصورة لاتخطر على بال.. كل ذلك أدى الى النفرة والامتعاض من الحياة الدنيا، فقلت لقلبي:
- ياتُرى هل انا منخذع كلياً؛ فأرى الكثيرين ينظرون الى حياتنا التي يُرثى لها من زاوية الحقيقة نظر الغبطة؟ فهل جُنَّ جنون جميع هؤلاء الناس؟ أم انا في طريقي الى الجنون، لرؤيتي هؤلاء المفتونين بالدنيا مجانين بلهاء؟! وعلى كل حال.. فالصحوة الشديدة التي صحوتها برؤية الشيب جعلتني ارى اولاً: فناء ما ارتبط به من الاشياء المعرّضة للفناء والزوال!!
ثم التفتّ الى نفسي، فوجدتها في منتهى العجز!.. عندها صرختْ روحي وهي التي تنشد البقاء دون الفناء وتشبثت بالاشياء الفانية متوهمة فيها البقاء، صرخت من اعماقها: (مادمتُ فانية جسماً فأي فائدة ارجوها من هذه الفانيات؟ وما دمتُ عاجزة فماذا انتظر من العاجزين؟.. فليس لدائي دواء الاّ عند الباقي السرمدي، عند القدير الازلي) فبدأت أبحث وأستقصي.. راجعت اول ماراجعت، تلك العلوم التي اكتسبتها سابقاً، أبحث فيها السلوة والرجاء. ولكن كنت – وباللاسف- الى ذلك الوقت مغترفاً من العلوم الإسلامية مع العلوم الفلسفية ظناً مني – ظناً خطأ جداً – أن تلك العلوم الفلسفية هي مصدر الرقي والتكامل ومحور الثقافة وتنوّر الفكر، بينما تلك المسائل الفلسفية هي التي لوثت روحي كثيراً، بل اصبحت عائقة امام سموي المعنوي.
نعم، بينما كنت في هذه الحالة، اذا بحكمة القرآن المقدسة تسعفني، رحمةً من العلي القدير، وفضلاً وكرماً من عنده سبحانه، فغسلتْ أدران تلك المسائل الفلسفية وطهرت روحي منها – كما هو مبين في