هذه الفترة الطويلة وانا انتهج هذا التفكر لم يطرأ عليّ السأم ولم يعتر ذوقها النقص، ولم تنتف حاجة الروح اليها. لأن ذلك التفكر لمعات تلمعت من آيات القرآن الكريم فتمثلت فيه جلوة من خصائص الآيات، تلك هي عدم الاستشعار بالسأم والملل والحفاظ على حلاوتها وطراوتها.
وقد رأيت في الآونة الاخيرة ان العقدة الحياتية القوية والانوار الساطعة التي تحتويها اجزاء رسائل النور ما هي الاّ لمعات سلسلة ذلك التفكر، فنويت كتابة مجموعها في اخريات ايام عمري، على أمل تأثيرها في غيري مثلما اثرت فيّ. وستكون لمجموعها قوة وقيمة اخرى وإن ادرجت اهم اجزائها في الرسائل.
ولما كان اخر المطاف في رحلة العمر غير معين. وان اوضاعي في سجن (اسكي شهر) قد بلغت حداً أشد من الموت بكثير، فقد كتبت تلك السلسلة من التفكر دون انتظار لآخر الحياة، ودون تغيير فيها، وبناء على رغبة اخوة النور واصرارهم بقصد استفادتهم. وجعلتها في سبعة ابواب.
ولما كانت الاكثرية المطلقة من هذا النوع من الحقائق تخطر بالبال اثناء اذكار الصلاة، وان كل كلمة من كلمات الاذكار بمثابة منبع الحقائق. كان ينبغي ان تكتب على وفق ترتيبها وتسلسلها في اذكار الصلاة، أي (سبحان الله والحمد لله والله اكبر ولا اله الاّ الله) الاّ أن ظروف السجن المنفرد المضطربة آنذاك قد أخلت بذلك الترتيب.
أما الآن فستكون الابواب على النحو الآتي:
الباب الأول: في (سبحان الله)
الباب الثاني: في (الحمد لله)
الباب الثالث: في (الله اكبر)
والباب الرابع: في (لا اله الاّ الله)