اللمعات | اللمعة الثلاثون | 588
(574-671)

كل كلمة منه مئات الاسطر، وتُقرأ تحت كل حرف فيه مئات الكلمات، وحُفِظَ في كل نقطة من نقاطه فهرسٌ مختصر صغير يلخص محتويات الكتاب كله.. فهذا الكتاب بصفحاته وأسطره بل بنقاطه يدل دلالة واضحة ساطعة - بمئات الأوجه - على مصوِّرِه وكاتبه، حتى أن مشاهدة الكتاب الكوني العظيم هذا وحدَها كافية للدلالة على وجود كاتبه، بل تسوقنا الى معرفة وجوده ووحدانيته بما يفوق دلالة الكتاب على نفسه اضعافاً مضاعفة.
اذ بينما يدل الحرفُ الواحد على وجوده ويعبّر عن نفسه بمقدار حرف فأنه يعبّر عن أوصاف كاتبه بمقدار سطر..
نعم! ان سطح الارض (صحيفة) من هذا الكتاب الكبير، هذه الصحيفة تضم كتباً بعدد طوائف النباتات والحيوانات، وهي تُكتب أمام أنظارنا في موسم الربيع في غاية الكمال والاتقان من دون خطأٍ، كتابةً متداخلة، جنباً الى جنب، في آن واحد.
والبستان (سطر) من هذه الصحيفة، نشاهد فيه قصائد منظومة وهي تُكتب أمام أعيننا بعدد الازهار والاشجار والنباتات، كتابةً متداخلة، جنباً الى جنب، من دون خطأ.
والشجرة النامية الزاهية أوراقُها، المفتحة أزهارُها، وقد أوشكت أن تخرج أثمارُها من اكمامها، هذه الشجرة (كلمةٌ) من ذلك السطر، فهذه الكلمة تمثل فقرةً كاملة ذات مغزى تعبّر تعبيراً بليغاً عن ثنائها وحمدها ودلالتها على (الحكم) ذي الجمال، بعدد أوراقها المنتظمة وأزهارها المزينة وأثمارها الموزونة، حتى لكأن تلك الشجرة المفتحة الازهار قصيدةٌ عصماء تتغنى بالمدح والثناء على آلاء بارئها المصور الجليل.
وكأن (الحكيم) ذا الجلال يريد أن ينظر عباده الى ما عَرَضه من بدائع آثاره وعجائب مخلوقاته في معرض الارض البديع بألوف من العيون.
وكأن تلك الهدايا الثمينة والأوسمة الغالية والشارات اللطيفة التي منحها الله تعالى لتلك الشجرة قد أعطتها من الشكل الجميل المزيَّن،

لايوجد صوت