يكون صعباً بل ممتنعاً ان كان كل جندي يتجهز من معامل متفرقة ويتلقى الاوامر من ادارات متعددة كثيرة، اذ عندئذٍ يحتاج كل جندي الى معامل بقدر افراد الجيش باكمله!!
فكما ان الأمر يسهل بالوحدة ويصعب بالكثرة هكذا، كذلك اذا أسنِد الخلقُ والايجادُ الى (الفرد الأحد) جل وعلا، فان خلقَ افرادٍ غير محدودة لنوعٍ واحد يكون سهلاً كخلق فرد واحد، بينما لو اُسنِد الى الأسباب، فان خلقَ كلَّ فردٍ يكون مُعضلاً وصعباً كخلق النوع الواسع الكثير.
اجل! ان الوحدانية والتفرد تجعل كل شئ منتسباً ومستنداً الى الذات الإلهية الواحدة، ويصبح هذا الانتساب والاستناد قوة لاحدّ لها لذلك الشئ، حتى يمكنه ان يُنجز من الاعمال الجسيمة، ويولّد من النتائج العظيمة ما يفوق قوته الذاتية الوفَ المرات معتمداً على سر ذلك الاستناد والانتساب.
أما الذي لا يستند ولا ينتسب الى صاحب تلك القوة العظمى ومالكها (الفرد الأحد) فسينجز من الاعمال ما تتحمله قوتُه الذاتية المحدودة جداً، وتنحسر نتائجُها تبعاً لذلك.
فمثلاً:
ان الذي انتسب الى قائد عظيم واستند اليه بصفة الجندية، يصبح له هذا الانتساب والاستناد بمثابة قوة ممدّة لا تنفد، فلا يضطر الى حمل ذخيرته وعتاده معه، لذا قد يَقْدِم على أسر قائد جيش العدو المغلوب مع آلاف ممن معه، بينما السائب الذي لم ينخرط في الجندية، مضطر الى حمل ذخيرته وعتاده معه، ومهما بلغ من الشجاعة فلا يستطيع ان يقاوم بتلك القوة الاّ بضعة افراد من العدو، وقد لا يثبت امامهم الاّ لفترة قليلة.