ملحق قسطموني | [صحبة اهل الحقيقة] | 51
(1-147)

للكسر على الألماس الباقية عن علم، يجري وكأنه دستور وقاعدة عامة.
فكنت أحار من هذا حيرة شديدة، ولكن أُخطر على قلبي في هذه الايام الآتي:
كما انه إذا اشتكى عضو من الجسد تداعى له سائر الجسد تاركاً قسماً من وظائفه، كذلك جهاز الحرص على الحياة والحفاظ عليها والتلذذ بالحياة وعشقها، المندرج في فطرة الانسان قد جُرح في هذا العصر فبدأ يُشغل سائر اللطائف به لأسباب عديدة محاولاً دفعها الى نسيان وظائفها الحقيقية.
فلو كان هناك حفل بهيج جذاب حافل بالسفاهة والسكر لانجذب اليه حتى الذين لهم مقامات رفيعة والنساء المحجبات العفيفات كما ينجذب الاطفال والسائبون، فيشتركون معاً بجاذبية ذلك الحفل تاركين وظائفهم الحقيقية.
كذلك الحياة الانسانية في هذا العصر ولاسيما الحياة الاجتماعية فقد اتخذت وضعاً مخيفاً ولكن ذات جاذبية، وحالة أليمة ولكن تثير اللهفة والفضول، بحيث تجعل عقل الانسان وقلبه ولطائفه الرفيعة تابعة لنفسه الامارة بالسوء حتى تحوّم كالفراش حول نار تلك الفتنة وترديها فيها.
نعم، هناك في حالات الضرورة رخصة شرعية في تفضيل الحفاظ على الحياة الدنيوية وترجيحها مؤقتاً على بعض الامور الاخروية. ولكن لا يمكن تفضيلها بناء على ضرر لا يلحقه هلاك ولأجل حاجة فحسب، فلا رخصة في هذا.
والحال ان هذا العصر قد غرز حب الحياة الدنيوية في عروق الانسان، حتى انه يترك اموراً دينية ثمينة جداً كالالماس لحاجة صغيرة تافهة، او لئلا يصيبه ضرر دنيوي اعتيادي.
نعم، ان هذا العصر الذي رُفعت منه البركة من جراء الاسراف المتزايد وعدم مراعاة الاقتصاد، ومن عدم القناعة مع الحرص الشديد، فضلاً عن تزايد الفقر والحاجة والفاقة وهموم العيش، مما سبب جروحاً بليغة في تطلع الانسان للعيش وفي نزوعه لحفظ

لايوجد صوت