قاطعاً. فهذا القانون البشري الاساس ليس له حدّ معين ولا ضوابط مخصصة، لذا فقد مهّد السبيل للتلاعب باستعماله بكثرة.
ان الحربين العالميتين قد نشبتا من سوء استعمال هذا القانون البشري الاساس، فأبادت نهائياً ما توصلت اليه البشرية من رقي منذ الف سنة، كما سمح هذا القانون بأخذ تسعين بريئاً بجريرة عشرة من الجناة، وافتى بأبادتهم، كما سمح بتدمير قصبة كاملة لجريمة مجرم واحد، لأغراض شخصية مستترة تحت اسم المصلحة العامة.
ولما كانت"رسائل النور" قد وضحت هذه الحقيقة في كثير من اجزائها وفي "الدفاعات" احيل القارئ الكريم اليها.
وهكذا، ولقد وجدت عوضاً عن هذا القانون البشري الاساس الغادر، القانون الاساس للقرآن العظيم النازل من العرش الاعظم، وذلك في الآيتين الآتيتين:
﴿ولا تزر وازرة وزر اخرى﴾(الانعام:164) ﴿من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الارض فكأنما قتل الناس جميعاً﴾(المائدة:32) فهاتان الآيتان تعلّمان القاعدة الجليلة الآتية:
لا يؤاخذ احد بجريرة شخص آخر. ثم ان البرئ لا يُضحّى به - حتى من اجل جميع الناس - دون رضاه، ولكن لوضحى بنفسه بارادته وبرضاه فتلك مرتبة الشهادة.
هذه القاعدة الجليلة هي التي ترسي العدالة الحقة في البشرية. احيل تفاصيلها الى رسائل النور.
سؤالهم الثاني: لقد كنتَ - فيما مضى - في اثناء تجوالك بين العشائر البدوية في شرقي الاناضول - تدعوهم الى التحضر وتحثهم بلهفة وشوق على التمدن والرقي في مجالات حياتهم، فلماذا انسللت - منذ نحو أربعين سنة - من المدنية الحاضرة ووصفتها بأنها دنيّة وليست مدنية وجانبت الحياة الاجتماعية وسحبت نفسك الى العزلة والانزواء؟..
الجواب: ان المدنية الحاضرة الغربية، لسلوكها طريقاً مناقضاً لأسس دساتير السماء وقيامها بمناهضتها، فقد طفح كيلُ سيئاتها على حسناتها وثقلت كفةُ اضرارها على فوائدها. فلقد اضطرب أمنُ الناس واطمئنانهم، واُقلقوا وأَسِنت سعادتُهم الحقيقية فاختل ما هو مطلوب من المدنية ومقصود منها. حيث قد حلّت بسببها نوازع الاسراف والسفاهة محل بوادر الاقتصاد والقناعة،