محاكمات | المقدمة الاولى | 26
(1-90)

الحكمة. الاّ انه احياناً لا يُرى الانتظام، لسعة دائرته عن أفق النظر، فلا يمكن الاحاطة به ولا تصوره، وعندئذٍ يصعب ان يبين النظامُ نفسه.
وبناءً على ما سبق:
فقد ثبت بشهادة العلوم جميعها، وبتصديق الاستقراء التام الناشئ من نظر الحكمة: ان الحسن والخير والحق والكمال، هو المقصود بالذات والغالب المطلق في خلق العالم. اما الشر والقبح والباطل، فهي امور تبعية ومغلوبة ومغمورة، وحتى لو كانت لها الصولة فهي صولة موقتة.
وقد ثبت ايضاً:
ان أكرم الخلق بنو آدم؛ تشهد له استعداداته ومهاراته.
وان اشرف بني آدم هم المسلمون الصادقون، وهم اهل الحق والحقيقة، تشهد لهم حقائق الاسلام، كما ستصدقهم وقائع المستقبل.
وثبت ايضاً:
ان اكمل الكل هو محمدy، تشهد له معجزاته واخلاقه السامية، كما يصدّقه علماء البشر المحققون، بل يسلّم له اعداؤه، وعليهم ان يسلّموا.
فاذ هذه الثلاثة هكذا، أيقتدر نوع البشر بشقاوته على جرح شهادة تلك العلوم، ونقض الاستقراء التام، والتمرد على مشيئة ربه؟.. كلا.. لا يقتدر ولن يقتدر.
أقسم باسم الرحمن الرحيم العادل الحكيم: ان البشرية لن تستطيع ان تهضم بسهولة وسلامة، الشر والقبح والباطل، ولن تسمح لها الحكمة الالهية. لان من يتعدى على حقوق الكائنات العامة لايعفى عنه، ولايسمح بعدم انزال العقاب عليه.
نعم! ان تغلب الشر طوال الوف السنين، لا يؤدي الاّ الى مغلوبية مطلقة لالف سنة في الاقل، محصورة في الدنيا. اما في الاخرة فسيحكم الخير على الشر بالاعدام الأبدي! والاّ لو لم يكن الامر هكذا، فان سائر الانواع والاجناس المنظمة المكملة المنقادة للاوامر الالهية المنتظمة، لايقبلون بين ظهرانيهم هذا الانسان الشقي الكنود، بل يسقطون حق وجوده بينهم. وينفونه الى مأوى

لايوجد صوت