محاكمات | المقدمة الاولى | 81
(1-90)

وكذلك قد يترأس معنى صغير بين تلك المعاني المتزاحمة، فيأخذ قيمة اعلى، لان وظيفته ذات اهمية كما سنبينها. والذي يشير الى تلك المعاني المتزاحمة، والمنار على قيمتها عدم صلاحية صريح الحكم المنصوص ولازمه القريب لسفارة الكلام وسوق الخطاب وارسال اللفظ لاجله. اما لكونه بديهياً معلوماً مشهوداً.. او خفيفاً وضعيفاً لا يُهتم به في الغرض الاساس.. او لفقدان من يتقبله و يستمع اليه.. أو لايوافق حال المتكلم ولايفي بداعي الرغبة في التكلم.. أو لا يمتزج ولا يقبل الامتزاج مع حيثية المخاطب ومنزلته.. أو يبدو غريباً في مقام الكلام وتوابع المستتبعات.. أو ليس له استعداد للحفاظ على الغرض وتهيئة لوازمه. بمعنى: ان كل مقام يستمع الى سبب واحد من بين هذه الاسباب. ولكن لو اتحدت عموماً ترفع الكلام الى اعلى طبقة.

خاتمة:
هناك معان معلقة، ليس لها شكل مخصوص ولاوطن معين. فهي كالمفتش الذي يمكنه الدخول الى اية دائرة كانت وبعضها يقلّد لفظاً خاصاً بها. هذه المعاني المعلقة قسم منها معان حرفية هوائية، قد تستتر في كلمة، او يتشربها كلام او تتداخل في جملة او قصة، فان عصرت تقطّر ذلك المعنى كالروح فيها كما في معاني "التحسر" و"الاشتياق" و"التمدح" و"التأسف" وغير ذلك.

المسألة السابعة
ان العقدة الحياتية للبلاغة، او بتعبير اخر "فلسفة البيان" او "حكمة الشعر" هي التمثل بنواميس الحقائق الخارجية ومقاييسها. اي: تمكين قوانين الحقائق الخارجية في المعنويات والاحوال الشاعرة من حيث القياس التمثيلي وبطريق الدوران وبتصرف الوهم. اي ان البليغ يتمثل اشعة الحقائق المنعكسة من الخارج كالمرآة وكأنه يقلّد الخلقة ويحاكي الطبيعة بصنعته الخيالية وبنقش كلامه.

لايوجد صوت