محاكمات | المقدمة الاولى | 80
(1-90)

وايضاً:
حشاي على جمر ذكي من الغضا وعيناي في روضٍ من الحسن ترتع(4)
فشاهد واستمع كيف ان عيونهم تتجول في جنة وسعيرُ وجدانهم تُعذِّب.
ولقد بيّن الشعراء خيالات رقيقة جداً بالاشارة الى محاسن المحبوب، وبالرمز الى استغنائه، وبالايماء الى التألم من فراقه، وبالتصريح بالشوق اليه، وبالتلويح بطلب الوصال، وبالنص على الحسن الجالب للعطف.. مع ما يحرك الحسيات من اطوار.
اشارة: كما يلزم في نظام اية دولة كانت، ان يكون اجر الموظف حسب وظيفته وبمقدار خدماته وعلى وفق قابليته واستعداده، كذلك يلزم تقسيم العناية وتوزيع الاهتمام توزيعاً عادلاً، بحيث تأخذ كل معنى من المعاني المتزاحمة في مثل هذه المراتب المتفاوتة نصيبه وحظه بنسبة قربه من مركز الغرض الكلي الذي سيق له الكلام، وبنسبة خدمته للمقصود الاساس. وذلك ليحصل بتلك المعادلة: الانتظام، ومن الانتظام: التناسب، ومن التناسب: حسن الوفاق، ومن حسن الوفاق: حسن المعاشرة، ومن حسن المعاشرة: ميزان التعديل لكمال الكلام.
وبخلاف هذا فان دخول مَن هو خادم وظيفةً وصبي طبعاً في مراتب كبيرة يتكبر فيفسد التناسب ويشوش المعاشرة. اي يلزم اخذ استعداد قيود الكلام بنظر الاعتبار.
نعم! يجب ان يرفع مقام كل شئ بقدر استعداده؛ اذ العين والانف وما شابههما من الاعضاء مهما كان جميلاً فانه يتشوه اذا جاوز الحد ولوكان ذهباً.
تنبيه:
قد يذهب جندى بسيط الى مواضع من العدو لاستكشاف مالا يقدر عليه المشير، او يؤدي تلميذ صغير من العمل ما لايؤديه عالم كبير. اذ الكبير لايلزم ان يكون كبيراً في كل أمر، بل كلٌ كبيرٌ في صنعته.

----------------------------------------------------------

(3) الصدّ: الإعراض. حمى : منع. لُماك: سمرةُ شفتيك . وهواك : أي قسماً بهواك. منه: أي من صدك . جذاذاً: قطعاً.
(4) وفي رواية الديوان: حشاي على جمر ذكيٍ من الهوى...

لايوجد صوت