محاكمات | عنصر العقيدة | 117
(91-136)

المسلك الاول للنبوة
يعني لا بد من معرفة اربع نكت لنرى ذاته الشريفة:
احداها: انه " ليس الكحل كالتكحل" اي لا يصل الصنعي والتصنعي - ولو كانا على اكمل الوجوه - مرتبة الطبيعي والفطري، ولا يقوم مقامه ، بل تومئ فلتات هيئته العامة الى التصنع والتكلف.
ثانيتها: ان الاخلاق العالية انما تتصل بارض الحقيقة بـ "الجدية" وان ادامة حياتها وانتظام مجموعها انما هي بـ"الصدق". ومتى ما انقطعت عرى الصدق والجدية منها صارت كهشيم تذروه الرياح.
ثالثتها:من القواعد وجود الميل والجذب في الامور المتناسبة ووجود الدفع والتنافر في الامور المتضادة، فكما ان هذه القاعدة جارية في الماديات، جارية ايضاً في الاخلاق والمعنويات.
رابعتها: للكل حكمٌ ليس لكلٍ.. ان آثار محمدy وسيرته المباركة وتاريخ حياته تشهد - مع تسليم اعدائه - بانه لعلى خلق عظيم، وانه قد اجتمعت فيه الخصال العالية كافة. ومن شأن امتزاج كثرة من تلك الاخلاق وتجمعها واحاطتها، توليد عزة النفس،التي تولد شرفاً ووقاراً يترفعان عن سفساف الامور، كترفع الملائكة وتنزههم عن الاختلاط بالشياطين، فالاخلاق السامية كذلك لاتسمح اصلاً بتداخل الحيلة والكذب بينها، بل تتنزه وتتبرأ وتترفع عنها، بحكمة التضاد فيما بينها.
ثم ان حياة هذه الاخلاق الرفيعة وروحها هي: الصدق واصابة الحق، فهما يضيئان كالشعلة المنورة ويعلنان عنها.
ايها الاخ! ألا ترى ان الشخص المشتهر بالشجاعة وحدها يترفع عن الكذب، لئلا يخل بالمقام الذي تعطيه تلك الصنعة، فكيف اذا اجتمعت جميع الخصال الرفيعة؟ نعم، للكل حكم ليس لكلٍ.
نشاهد في الوقت الحاضر: ان المسافة بين الصدق والكذب لاتتجاوز الاصبع، فكلاهما يباعان في سوق واحدة، ولكن لكل زمان حكمه، اذ لم يحدث قط في أي وقت مضى ان اتسعت الشقة بين الصدق والكذب اتساعه الذي

لايوجد صوت