محاكمات | عنصر العقيدة | 126
(91-136)

الحيل ربما تتستر تحت حجاب المدنية.. وان كثيراً من العلوم انما يتحصل بتلقين العادات والوقوعات..
وان نور نظر البشر لا ينفذ في المستقبل ولايرى الكيفيات المخصوصة به.. وان لقانون البشر عمراً طبيعياً ينقطع وينتهي كما ينتهي عمره.. وان للمحيط الزماني والمكاني تأثيراً عظيماً في احوال النفوس.. وان كثيراً من الخوارق الماضية قد يكون اعتيادياً الآن بسبب تكمل المبادئ.. وان الذكاء ولو كان خارقاً لا يكفي في كمال علمٍ، فكيف في علوم عدة!
فيا ايها الأخ! شاور هذه القواعد، ثم جرد نفسك، وانزع عنك لباس الخيالات المحيطة والاوهام الزمانية، ثم غص من ساحل هذا العصر في بحر الزمان، حتى تخرج الى جزيرة عصرالسعادة النبوية.. فأول ما يتجلى لعينك؛ انك ترى:انساناً وحيداً لا ناصر له ولا سلطان، يبارز العالم وحده، وقد حمل على كاهله حقيقة اجلّ من كرة الارض، واخذ بيده شريعة هي كافلة لسعادة الناس كافة. وتلك الشريعة كأنها زبة جميع العلوم الالهية وخلاصة الفنون الحقيقية. وتلك الشريعة ذات حياة - لا كاللباس بل كالجلد - تتوسع بنمو استعداد البشر وتثمر سعادة الدارين، وتنظم احوال نوع البشر كأنهم في مجلس واحد. فإن سألت قوانينها: من أين الى أين؟ لقالت بلسان اعجازها: نجئ من الكلام الازلى، ونرافق فكر البشر لضمان سلامته ونتوجه الى الابد. وبعد ما نقطع هذه الدنيا الفانية، تبقى معنوياتنا دليلاً وغذاءً روحياً للبشرية، مع اننا نفارقهم صورة.
خاتمة:
ان الشبهات والريوب منبعها ثلاثة امور وهي: انك لو تجاهلت عن مقصود الشارع، وعن كون الارشاد بنسبة استعداد الافكار، واعترضت بمغالطة - هي وكر الاوهام السيئة - بان القرآن الكريم الذي هو اساس الشريعة فيه ثلاث نقاط:
اولاها: وجود المتشابهات والمشكلات في القرآن، وهذا مناف لاعجازه المؤسس على البلاغة، المبنية على ظهور البيان ووضوح الافادة.
ثانيتها: الاطلاق والابهام في العلوم الكونية، مع انه مناف لمسلك التعليم والارشاد الذي هو المقصود الحقيقي للشريعة.

لايوجد صوت