مناظرات | س : ان لم يكن على الدين ضرر، فليكن مايكون ولانبالي | 10
(1-45)

[وسيأخذ الاسلام بيمينه من الحجة سيفاً صارماً جزاراً مهنداً... وبشماله من الحرية لجام فرس عربي مشرق اللون فالقاً بفأسه وقوسه رؤوس الاستبداد الذي به اندرس بساتيننا](2).
س: هيهات! كيف تكون حريتُنا مقدمة لحرية العالم الاسلامي كافة وفجره الصادق؟.
ج: بجهتين: -
الأولى: ان الاستبداد الذي فينا أقام سداً مظلماً جائراً ازاء حرية آسيا، فما كان لضياء الحرية ان ينفذ من ذلك الستار الكثيف المظلم ليفتّح الابصار ويُري الكمالات، ولكن بخراب هذا السدّ انتشر - وسينتشر - فكر الحريّة ومفهومها حتى الى الصين، بيد أن الصين أفرطت واصبحت شيوعية. ولما ثقلت كفة الحرية في ميزان العالَم، فقد رفعت كليّاً الوحشيةَ والاستبداد اللذين في الكفة الأخرى، وسيزولان بمرور الزمن. فلو انكم قرأتم صحيفة الأفكار وتأملتم في طريق السياسة واستمعتم الى الخطباء العموميين، أعني الصحافة الصادقة في أخبارها، لعلمتم أنه قد حصل في العالم العربي والهند وجاوا ومصر والقفقاس وافريقيا وأمثالها، تحّولٌ عظيم وانقلاب عجيب ورقي فكرى وتيقظ تام نابعٌ من فوران فكر الحرية وغليانه في افكار العالم الاسلامي، فلو كنا دافعين مئة سنة ثمناً لها لكان رخيصاً، لأن الحرية كشفت عن الملّيةٍ وأظهرتها وبدأ يتجلى الجوهر النوراني للاسلام في صَدَفة الملّية، فآذنت بتحرك الاسلام واهتزازه: بأن المسلم ليس جزءاً فرداً سائباً حبلُه على غاربه، بل هو جزء لمركبات متداخلة متصاعدة، له مع سائر الاجزاء صلة رحم من حيث جاذبية الاسلام العامة. فهذا النبأ يمنح أملاً قوياً بأن نقطة الاستناد ونقطة الاستمداد في غاية القوة والمتانة، وهذا الأمل أحيا قوتنا المعنوية بعد أن كانت صريعة اليأس. وستمزّق هذه الحياة حُجُبَ الاستبداد المعنوي العام المستولي على العالم الاسلامي كله مستمدة من فكر الحرية ومفهومها الذى يفور فيه(1) [على رغم أنف أبي اليأس].
الجهة الثانية: مازال الأجانب يذلّون ملّتنا بالحِيَل، ويتذرعون باسباب واهية وحجج تافهة لذلك. أما الآن فما ظل في ايديهم ما يحتجون به من حجة 
--------------------------------------------------------
(2) ارجع النظر اليها، انها فقرة ذات شفرات كانها تخبر عن مجموعة رسائل النور أمثال: (ذو الفقار) (حجة الله البالغة).. مثلما تخبر عن الشعوب الاسلامية: اليمن ومصر والجزائر والهند والفاس (المغرب) والقفقاس وفارس والعرب. المؤلف.
(1) وقد بدأ تمزقها بعد خمس واربعين سنة، ولله الحمد والمنّة. المؤلف.

لايوجد صوت