مناظرات | س : ان لم يكن على الدين ضرر، فليكن مايكون ولانبالي | 12
(1-45)

ج: اظن ان تجاوزهم الحدود الآن هو تشفٍّ لغيظ ما توهموا من تجاوزكم عليهم في الماضي... أو هو تصنّع وتظاهر وتهديد تجاه ما يتوقعون واهمين من تعدٍّ منكم عليهم في المستقبل، فإن اطمأنوا واعتقدوا بعدم التعدي عليهم فسيرضخون - بلا شك - للعدالة ويقتنعون بها، وإن لم يقنعوا بالعدالة فالحق يُرغم أُنوفهم بقوته ويسوقهم مضطرين الى الاقتناع.
أما قولهم "نحن الذين حصلنا على المشروطية" فهو كذب بيّن، اذ ما برزت الحرية والمشروطية الى الوجود الاّ بحراب جنودنا وبأقلام مجتمعنا الحامل لروح الأمة، بل كان هدف هؤلاء وامثالهم من الثرثارين المهاذير هو "اللامركزية السياسية" التي هي إبنة عم "الامارة" و "الحكم الذاتي" الاّ أن تسعين بالمئة منهم قد اتّبعونا، وظلّت خمسة من العشرة الباقية يثرثرون، والبقية الباقية باتوا يعذرون ولايرغبون في العدول عن أوهامهم الماضية.
س: كيف تشير الينا بمحبة اليهود والنصارى، مع أن القرآن الكريم ينهى عن ذلك بقوله تعالى ﴿لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء﴾(المائدة:51).
ج: اولاً: كما يلزم أن يكون الدليل قطعي المتن، يلزم كذلك أن يكون قطعي الدلالة،مع أن للتأويل والاحتمال مجالاً، لأن النهي القرآني ليس بعام بل مطلق، والمطلق قد يُقيّد، والزمان مفسّر عظيم، فاذا ما أظهر قيدَه فلا أعتراض عليه.
وايضاً، إن كان الحكم قائماً على المشتق، فانه يفيد علّية مأخذ الأشتقاق للحكم. فاذن المنهيّ عنه في هذه الآية الكريمة هو محبتهم من حيث ديانتهم اليهودية والنصرانية.. وايضاً، لا يكون المرء محبوباً لذاته، بل لصفته وصنعته، لذا فكما لا يلزم ان تكون كل صفةٍ من صفات المسلم مسلمة، كذلك لا يلزم أن تكون جميع صفات الكافر وصنعته كافرة ايضاً.
فعلى هذا، لِمَ لا يجوز اقتباس ما استحسنّاه من صفة مسلمة أو صنعة مسلمة فيه؟ فان كانت لك زوجة كتابية، لاشك أنك تحبها.
ثانياً: لقد حدث انقلاب ديني عظيم في العصر النبوي السعيد، وجّه كل الأفكار والأذهان نحو الدين، فارتبطت بالدين جميع الحسّيات والمشاعر، فكانت العداوة والمحبة تدوران حول ذلك المحور "الدين"، لهذا كانت تُشمّ رائحة النفاق من المحبة مع غير المسلم. ولكن الانقلاب الحاضر العجيب في العالم هو انقلاب مدني ودنيوي، فالمدنية والرقيّ الدنيوي يجذبان العقول كلها ويشغلانها ويشدّان بهما جميع الأذهان فضلاً عن أن معظم غير المسلمين ليسوا ملتزمين إلتزاماً جادّاً بدينهم اساساً... فعلى هذا فان محبتنا لهم ماهي الاّ لإقتباس ما استحسناه من 

لايوجد صوت