مناظرات | س : ان لم يكن على الدين ضرر، فليكن مايكون ولانبالي | 5
(1-45)

في ترجّح حسنات الحكومة على سيئآتها كمّاً أو نوعاً. واَنا أنظر الى هؤلاء واعدّهم فوضويين، لأنه لو عاش اُحدهم -لا سامح الله- الف سنة، ورأى الصور الممكنة للحكومات، لما ارتضى كذلك باحداها، لما في خياله وحلمه من تصّور للحكومة المعصومة، فيولد فيه هذا الحلم ميلَ التخريب فيمزق تلك الصور الممكنة.
لذا حتى الفاسدين -في نظرهم- من اعضاء "جون تورك" يعدّونهم زمرة ملعونة فوضوية مشاغبة، فمسلكهم ليس الاّ الاخلال بالأمن والإفساد.
س: فلمَ لا يجوز ان تكون ضالّتهم العهد السابق؟.
ج: اني أبعث الى سماعكم قانوناً قصير القامة طويل الهمّة، يمكنكم حفظه، فشاوروه، وهو: "ان تلك الحال محال، فإما هذه الحال وإما الإضمحلال" فالحكومة مسلمة، والأمة التي تحكمها مسلمة وأس أساس سياستها أيضاً هو الدستور الآتي: ان دين الدولة الاسلام... فوظيفتنا اذاً الحفاظ على هذا الاساس ووقايته، لأنه جوهر حياة أمتنا.
س: أتستمر الحكومة في خدمة الاسلام وتقوية الدين بعد الآن؟.
ج: بخ بخٍ وبكل سرور، نعم، فان هدف الحكومة وان كان مستتراً وبعيدا وباستثناء بعض الملحدين الجهلة - هو حماية سلسلة الاسلام النورانية وتقوية رابطته التي تجعل ثلاثمئة مليون مسلم - بسرّ الاخوة الايمانية - كياناً واحداً، اذ اِنها هي وحدها "نقطة الاستناد" وهى وحدها "نقطة الاستمداد"... ان قطرات المطر ولمعات النور كلما بقيت متفرقة وظلّت متناثرة، جفّت بسرعة وانطفأت حالاً. فينادينا رب العزة سبحانه قائلاً: ﴿ولاتفرقوا﴾(آل عمران:103) ﴿لاتقنطوا﴾(الزمر:53) ليحول بيننا وبين الانطفاء والزوال..
نعم، ان نغمات ﴿لاتقنطوا﴾ واصداءها تتجاوب من ست جهات: الضرورة، والانجذاب، والتمايل، والتجارب، والتجاوب، والتواتر، تجمع تلك القطرات واللمعات في مصافحة وعناق، وتطوي مابينها من المسافة مولدةً حوضاً من ماء يبعث على الحياة وضياءً منوراً ينير العالم أجمع. ذلك لأن الدين جمال الكمال وضياء السعادة ونمو المشاعر وسلامة الوجدان(1).
س: الآن نستفسر عن الحرية، فما هذه الحرية التي تتجاذبها التأويلات وتتراءى فيها الرؤى العجيبة الغريبة؟!.
ج: ان من عاش مع طيفها منذ عشرين سنة حتى تعقبها في الرؤى وترك كل شئ لحبّها يستطيع الأجابة عنها فهو الخبير بوصفها. 
----------------------------------------------------------
(1) مهلاً، لها أشارات أشبه ماتكون بالشفرات. المؤلف.

لايوجد صوت