فانما هي امور خاصة تافهة تفاهة الحصيات. لذا فان اضمار العداء لمسلم اضماراً حقيقياً، انما هو خطأ جسيم لأنه استخفاف باسباب المحبة التي هي اشبه بالجبال.
نحصل مما سبق:
ان الود والمحبة والاخوة هي من طباع الاسلام وروابطه. والذي يحمل في قلبه العداء فهو أشبه ما يكون بطفل فاسد المزاج يروم البكاء بادنى مبرر للبكاء، وقد يكون ما هو اصغر من جناح ذبابة كافياً لدفعه الى البكاء. أو هو أشبه ما يكون برجل متشائم لا يحسن الظن بشئ ما دام سوء الظن ممكناً. فيحجب عشر حسناتٍ للمرء بسيئة واحدة. ومن المعلوم ان هذا منافٍ كلياً للخلق الاسلامي القاضي بالانصاف وحسن الظن.
الكلمة الخامسة
"تضاعف السيئات والحسنات"
ان الدرس الذي تعلمته من الشورى الشرعية هو: أن سيئة امرئ ٍ واحدٍ في هذا الزمان، لا تبقى على حالها سيئة واحدة، وانما قد تكبر وتسري حتى تصبح مائة سيئة. كما ان حسنة واحدة ايضاً لا تبقى على حالها حسنة واحدة بل قد تتضاعف الى الالاف. وحكمة هذا وسره هو: ان الحرية الشرعية والشورى المشروعة قد أظهرتا سيادة امتنا الحقيقية. اذ إن حجر الاساس في بناء امتنا وقوام روحها انما هو الاسلام، وان الخلافة العثمانية والجيش التركي من حيث كونهما حاملين لراية تلك الامة الاسلامية فهما بمثابة الصَدَفة والقلعة للأمة، وان العرب والترك هما الاخوان الحقيقيّان وسيظلان حارسين امينين لتلك القلعة المنيعة، والصَدَفة المتينة.
وهكذا فبفضل هذه الرابطة المقدسة التي تشد الامة الاسلامية بعضها ببعض يصبح المسلمون كافةً كعشيرة واحدة. فترتبط طوائف الاسلام برباط الاخوة الاسلامية كما يرتبط افراد العشيرة الواحدة ويمد بعضهم بعضاً معنويّاً، واذا اقتضى الامر فمادياً، وكأن الطوائف الاسلامية تنتظم جميعها كحلقات سلسلة نورانية. فكما اذا ارتكب فرد في عشيرة ما جريمة فان عشيرته بأسرها تكون مسؤولة ومتّهمة في نظر العشيرة الاخرى وكأن كل فرد من تلك العشيرة هو الذي قد ارتكب الجريمة، فتلك الجريمة قد اصبحت بمثابة الالوف منها، كذلك