عظيمـة حتى كأنه أمـة وحـده؛ لان قيمـة الشخص بهمّته، فمن كانت همته امته فهـو بحد ذاته امة صغيرة قائمة.
وبسبب عدم تيقظ أناس منا، وبحكم اخذنا الاخلاق الفاسدة من الاجانب فان هناك مَن يقول: " نفسي نفسي" مع ما في امتنا الاسلامية من سمو وقدسية. فألف رجل مثل هذا الشخص الذي لا يفكر الاّ بمصلحته الشخصية ولا يبالي بمصلحة الأمة، انما ينزل بمنزلة شخص واحد.
[مَن كانت همتُه نفسَه فليس من الانسان لأنه مدني بالطبع] فهو مضطر لأن يراعي ابناء جنسه، فان حياته الشخصية يمكن ان تستمر بحياته الاجتماعية. فمثلاً:
ان الذي يأكل رغيفاً عليه ان يفكّر كم يحتاج الى الايدي التي تحضر له ذلك الرغيف. فهو يقبّل تلك الايدي معنى.
وكذا الثوب الذي يلبسه، كم من الايدي والالات والاجهزة تضافرت لتهيئته وتجهيزه. وقيسوا على منوال هذين المثالين لتعلموا ان الانسان مفطور على الارتباط بابناء جنسه من الناس لعدم تمكنه من العيش بمفرده وهو مضطر الى ان يعطي لهم ثمناً معنوياً لدفع احتياجاته، لذا فهو مدني فطرة. فالذي يحصر نظره في منافعه الشخصية وحدها انما ينسلخ من الانسانية ويصبح حيواناً مفترساً، اللهم إلاّ من لاحيلة له، وله معذرة حقيقية.
الكلمة السادسة
"الشــورى"
ان مفتاح سعادة المسلمين في حياتهم الاجتماعية انما هو "الشورى" فالآية الكريمـة تأمرنا باتخاذ الشورى في جميع امورنا،اذ يقول سبحانه: ﴿وأمرُهـُم شورى بينهم﴾(الشورى:38).
اجل فكما أن تلاحق الافكار بين ابناء الجنس البشري انما هو شورى على مر العصور بوساطة التاريخ، حتى غدا مدار رقي البشرية واساس علومها، فان سبب تخلف القارة الكبرى التي هي آسيا عن ركب الحضارة انما هو لعدم قيامها بتلك الشورى الحقيقية.