الخطبة الشامية | الكلمة الاولى | 23
(1-47)

فما دامت احتياجات البشر لاحد لها واعداؤه دون حصر، وقوته ورأس ماله جزئيان محدودان جداً. ولاسيما بعد ازدياد المخرّبين والمتوحشين نتيجة تفشّي الالحاد.. فلابد أن يكون أمام اولئك الاعداء غير المحدودين والحاجات التي لا تحصر نقطة استناد تنبع من الايمان، فكما تستند حياته الشخصية الى تلك النقطة فان حياته الاجتماعية ايضاً انما تستطيع ان تدوم وتقاوم بالشورى الشرعية النابعة من حقائق الايمان، فتقف اولئك الاعداء الشرسين عند حدّهم وتلبي تلك الاحتياجات.





الذيل الاول
تشخيص العلّة
هذا الذيل يبين بطولةً معنوية لاتثلم نابعة من الايمان، ضمن تمثيل لطيف جداً نذكر خلاصته لمناسبة ما ذكرناه من مسائل.
لقد رافقت ايضاً السلطان رشاد(1) في سياحته الى "روم ايلي" ممثلاً عن الولايات الشرقية، وذلك في بداية عهد الحرية(2).
كان في قطارنا معلمان اثنان، قد تلقيا العلوم في المدارس الحديثة، فجرت بيننا مباحثة، اذ سألانني:
- ايُّما اقوى وأولى بالالتزام: الحمية الدينية أم الملية؟ قلت لهم - وقتئذٍ -:
- نحن معاشر المسلمين، الدين والملية عندنا متحدان بالذات، والاختلاف إعتباري، أي ظاهري، عرضي، بل الدين هو حياة الملية وروحها. فاذا مانُظر اليهما بأنهما مختلفان ومتباينان، فان الحمية الدينية تشمل العوام والخواص بينما 
------------------------------------------------------------------------------
(1) هو السلطان محمد الخامس الملقب بالسلطان رشاد تولّى السلطنة بعد عزل اخيه السلطان عبد الحميد الثاني سنة 1909م. المترجم.
(2) الاصطلاح الذي اطلقه الاتحاديون على عهدهم. المترجم

لايوجد صوت