الخطبة الشامية | الكلمة الاولى | 20
(1-47)

بالتكاسل والتقاعس، كما ان حسناتكم جليلة وسامية أيضاً. ولا سيما نحن على أمل عظيم برحمة الله انه بعد مرور اربعين أو خمسين عاماً تتحدون فيما بينكم - كما اتحدت الجماهير الامريكية - وتتبوأون مكانتكم السامية وتوفّقون باذن الله الى انقاذ السيادة الاسلامية المأسورة وتقيمونها كالسابق في نصف الكرة الارضية بل في معظمها. فان لم تقم القيامة فجأة فسيرى الجيل المقبل هذا الامل.
فيا اخوتي الكرام!
ارجو ان لا يذهب بكم الظن بأنني بكلامي هذا استنهض هممكم للاشتغال بالسياسة - حاش لله - فان حقيقة الاسلام اسمى من كل سياسة بل جميع اصناف السياسة واشكالها يمكن ان تسير في ركاب الاسلام وتخدمه وتعمل له، وليس لأية سياسة كانت ان تستغل الاسلام لتحقيق اغراضها.
فانا بفهمي القاصر أتصور المجتمع الاسلامي ككل - في زماننا هذا - اشبه ما يكون بمصنع ذي تروس وآلات عديدة. فاذا ما تعطل ترس من ذلك المصنع أو تجاوز على رفيقه الترس الآخر فسيختل حتماً نظام المصنع الميكانيكي. لذا فقد آن أوان الاتحاد الاسلامي وهو على وشك التحقق. فينبغي ان تصرفوا النظر عن تقصيراتكم الشخصية، وليتجاوز كلٌ عن الآخر.
وهنا انبّه ببالغ الاسى والاسف الى أن قسماً من الاجانب كما سلبوا اموالنا الثمينة واوطاننا، بثمن بخسٍ دارهم معدودة مزوّرة، كذلك فقد سلبوا منا قسماً من اخلاقنا الرفيعة وسجايانا الحميدة والتي بها يترابط مجتمعنا، وجعلوا تلك الخصال الحميدة محوراً لرقيهم وتقدمهم، ودفعوا الينا نظير ذلك رذائل طباعهم وسفاهة اخلاقهم.
فمثلاً: ان السجية الملّية التي اخذوها منا هي قول واحدٍ منهم:
"إن متّ انا فلتحيا امتي، فان لي فيها حياة باقية" هذه السجية أقوى اساس وأمتنه لرقيهم وتقدمهم، قد سرقوها منا؛ إذ هذه الكلمة انما تنبع من الدين الحق ومن حقائق الايمان، فهي لنا وللمؤمنين جميعاً، بينما دخلت فينا اخلاق رذيلة وسجايا فاسدة، فترى ذلك الاناني الذي فينا يقول: "اذا متّ ظمآناً فلا نزل القطر" و"ان لم ارَ السعادة فعلى الدنيا العفاء!" فهذه الكلمة الحمقاء انما تنبع من عدم وجود الدين ومن عدم معرفة الاخرة، فهي دخيلة علينا تسمّمنا. ثم ان تلك السجية الغالية عندما سرت الى الاجانب اكسبت كل فرد منهم قـيمة

لايوجد صوت