الخطبة الشامية | الكلمة الاولى | 28
(1-47)

نكتفي بهذا القدر لبيان هذه الحقيقة الواسعة حيث بينّت "رسائل النور" بحججها الدامغة ان هذا السر كامنٌ في الايمان بينما الضلالة تحمل شقاءً وتعاسة في الدنيا ايضاً.
ان الانسان الذي أحسّ في هذا العصر بحاجته الماسة الى قوة معنوية وصلابة وثبات والى عزاء وسلوان، قد ترك حقائق الايمان التي هي اعظم ركيزة استناد له والتي تضمن له القوة المعنوية والسلوان والسعادة، واستهواه التغرب فاستند الى الضلالة والسفه، فبدلاً من أن يستفيد من الملية الاسلامية اخذ يحطم القوة المعنوية تحطيماً كاملاً، فازال عنه السلوان واوهن صلابته بانسياقه وراء الضلال والسفه والسياسة الكاذبة. ألا ترى أن هذا بعدٌ شاسع عن مصالح الانسان ومنافعه؟ ألا ان الانسانية ستدرك يوماً -إن بقي لها من العمر بقية- حقيقة القرآن، وستعتصم به، وفي مقدمتها المسلمون.

لقد سأل قسم من النواب المتدينين سعيداً القديم اوائل عهد الحرية:
- انك تجعل السياسة تابعة للدين في كل شئ، بل تجعلها وسيلة منقادة للشريعة، ولا تقبل الحرية الاّ على اساس الوجه المشروع، بمعنى انك لا تعترف بالحرية والمشروطية بدون الشريعة، ولأجل هذا جعلوك في صفوف المطالبين بتطبيق الشريعة في حادثة (31) مارت.
فأجابهم سعيد القديم بالآتي:
أجل! انه لا سعادة لأمة الاسلام إلاّ بتحقيق حقائق الاسلام، وإلاّ فلا، ولا يمكن ان تذوق الامة السعادة في الدنيا او تعيش حياة اجتماعية فاضلة إلاّ بتطبيق الشريعة الاسلامية، وإلاّ فلا عدالة قطعاً، ولا أمان مطلقاً. اذ تتغلب عندئذٍ الاخلاق الفاسدة والصفات الذميمة، ويبقى الأمر معلقاً بيد الكذابين والمرائين.
سأعرض لكم ما يثبت هذه الحقيقة في حكاية اوردها نموذجاً مصغراً من بين آلاف الحجج.
سافر شخص الى قوم من البدو في صحراء. فنزل ضيفاً عند رجل فاضل.. لاحظ انهم لا يهتمون بحرز اموالهم. وقد ألقى صاحب المنزل نقوده في زوايا البيت مكشوفة دون تحفّظ. قال الضيف لصاحب المنزل:
- الا تخافون من السرقة؟ تلقون اموالكم هكذا في الزوايا دون تحرز؟
اجابه:
- لا تقع السرقة فينا!

لايوجد صوت