الالهية فكأنها سفائن برية وفلك بحرية وطائرات هوائية خلقتها يد القدرة الالهية بنظام وحكمة.
فكما ان للقدرة الالهية في عالم الشهادة وفي عالمنا المادي امثال هذه، فان لها في عالم الارواح والمعنويات نظائر متسلسلة أعجب، يصدّق بها كلُ مَن يملك عقلاً، بل يرى اغلبَها كلُّ مَن يملك بصيرة.
فهذه الامور المتسلسلة المترابطة في الكون سواءٌ منها المادية أو المعنوية تهاجم أهل الضلال الذين حُرموا من الايمان وتهددهم وترهبهم وتحطّم قواهم المعنوية، بينما لاتخيف اهل الايمان ولا تهددهم بشئ بل تبعث فيهم السرور والسعادة والانس والأمل والقوة، وذلك لأنهم يرون الوجود بنور الايمان، وتلك الحوادث المتسلسلة، وتلك القاطرات المادية والمعنوية والعوالم السيارة، انما تساق الى وظيفة معينة محددة من قبل صانع حكيم لتؤديها ضمن نظام وحكمة من دون اختلاط ولا تجاوز قط.
فيُري الايمان المؤمنَ: أن كل شئ ينال قبساً من تجليات جمال الله واتقان صنعته سبحانه، ويمنحه قوة معنوية عظيمة بما يفتح له من نماذج للسعادة الابدية.
وهكذا فان ما يعانيه اهل الضلال من الآلام الرهيبة الناشئة من فقدان الايمان، وما يلازمهم من خوف ورعب شديدين، تقف ازاءه جميع انواع الرقي البشري عاجزة لاتمنح له سلواناً ولا عزاءً، بل لا يمكنها ان تضمن له قوة معنوية، فتتحطم الجرأة والإقدام.. إلاّ ما تخدعه الغفلة من إسدال ستار النسيان عليها.
أما أهل الايمان فلا ترهبهم تلك الحادثات ولا تأخذ من معنوياتهم؛ وذلك بفضل الايمان - بمثل ذلك الصبي - بل تزيد معنوياتهم صلابة، اذ ينظرون اليها- أي الى الحوادث - من خلال حقيقة ايمانهم فيشاهدون ارادة الصانع الحكيم وادارته وتدبيره اياها ضمن حكمته الواسعة. فيتحررون من المخاوف والاوهام، اذ يعلمون أنه: لولا امرُ الصانع الحكيم وإذنه لما استطاعت هذه العوالم السيارة الحركة قط. فينالون بهذا اطمئناناً يسعدهم في الدنيا كذلك، كل حسب درجته.
ومن لم يكن في قلبه ووجدانه بذرة هذه الحقيقة النابعة من الايمان والدين الحق، ولم يستند الى ركيزة، فمثله كمثل ذينك البطلين المشهورين، اذ تنهار قواه المعنوية بمثل تحطم جسارتهما وبطولتهما. ويكون أسير حادثات الكائنات فيتفسّخ وجدانـه ويصبح كالمتسول الذليـل بإزاء كل حادثة.